نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 95
الحريق الأول ، وعانت بغداد اهوالا اسود من قطع الليل [1] . . ولستم في حاجة إلى من ينبهكم إلى خطر هذه البلايا وآثارها السود في تشتيت الأواصر وتمزيق الصلات فما كانت الفتن تأخذ وقودها كله من الترك والديلم ، وإنما كانت تمدّ ضريمها فتنتهب ما تشاء من سواد الناس في ارجاء العراق ، وكانوا فريقين : فريقا يشايع الديلم وفريقا يناصر الأتراك وفي سنة 336 قامت الحرب بين بختيار وعضد الدولة ، وكانت لهذه الحرب نتائج دميمة في تمزيق البصرة ، فقد انضمت مضر إلى عضد الدولة وانضمت ربيعة إلى بختيار ، ولم يكن يهمّ ربيعة أن ينتصر بختيار ، وإنما فعلت ذلك طوعا للأحقاد الموروثة بينها وبين مضر ، وكذلك استفحلت الثورة فأحرقت المحالّ ، وانتهبت البضائع ، وانتهكت الحرمات . وفي تلك الأزمنة العصيبة نرى اسم أبي أحمد الموسوي بين الأسماء ، ولكن في أي صف في صف بختيار لا صف عضد الدولة ، بختيار الذي عزله عن نقابة الأشراف منذ سنين ، وما نقول إن أبا أحمد الموسوي امتشق الحسام في سبيل بختيار ، وإنما قبل أن يكون رسول بختيار إلى عضد الدولة في مطلب لم يكن يراه عضد الدولة لائقا بالملوك : فقد كان صورة دميمة من صور الشهوات . ثم دارت الدائرة على بختيار وانتهى أمره بالقتل ، وخلع الخليفة المطيع وتولى ابنه الطائع ، ونال عضد الدولة من الهيبة والقوة ما فرض على الخليفة الجديد أن يمنحه خصائص لم يظفر بمثلها أحد من قبل . وكان الظن أن يستوحش عضد الدولة من أبي أحمد الموسوي لسابقة
[1] اعترض بعضهم على أن تجري كلمة ( أسود ) مجرى افعل التفضيل ، ونحن لا نلتفت إلى هذا الاعتراض ، لأن كثيرا من الشعراء تحللوا من بعض قيود أفعل التفضيل طلبا للتخفيف .
95
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 95