نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 69
المهم أن نسجل أن الشريف كان يفهم جيدا خطر القول ، وكان يعرف أنه يطلب لكثير من الغايات ، ويدرك أن البلاغة لها مواطن خفية يدركها أقطاب الليل . ونعوذ باللَّه من كيد الكائدين ، ودسائس الخاتلين . ومع هذا لم يكن الشريف يرى الدنيا في جميع أحوالها حومة قتال ، فقد كانت عنده مواطن يرى فيها البلاغة تطلب لإيناس الأفئدة والقلوب أليس هو الذي يقول في رثاء أبي منصور الشيرازي : كم مجلس صبّحته ألسننا * تفضّ فيه لطائم الأدب [1] من أثر يونق الفتى حسن * أو خبر يبسط المنى عجب [2] أو غرض أصبحت خواطرنا * تساقط الدر منه في الكتب كالبازد العذب روّقته صبا الفجر * أو الظلم زين بالشنب [3] وكيف لا يعشق البلاغة ويراها من موارد الانس من يقرنها بجمال العزم والحلم فيقول في مدح أبي سعيد بن خلف : خطاب مثل ماء المزن تبرى * مواقعه العليل من القلوب [4] وعزم إن مضيت به جريّا * هوى مطر القنا بدم صبيب [5] وحلم إن عطفت به معيدا * أطار قوادم اليوم العصيب [6] وألفاظ كما لعبت شمال * ملاعبها على الروض الخصيب [7]
[1] صبحته : سقته الصبوح وهو ما حلب من اللبن بالغداة وما أصبح عند السامرين من شراب . واللطائم جمع لطيمة وهي المسك [2] يونق : يعجب ويطرب . [3] الظلم بالفتح الثلج وهو هنا ماء الأسنان . وأظلم الثغر تلألأ ، والشنب بالتحريك ماء ورقة وبرد وعذوبة في الأسنان [4] تبزى : تشفى . فهي من البرء [5] صبيب : متدفق . [6] القوادم هنا جمع قادم وهو الرأس . [7] الشمال بالفتح ويكسر الريح التي مهبها نين مطلع الشمس . وبنات نعش أسماء كواكب والمعروف أن ريح الشمال ميمونة الهبوب وفيها لطف ورفق .
69
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 69