نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 145
يثيب ، فهل يدوم هذا النعيم أخشى أن تكون مدائح الرضي بابا يدخل منه الشر إلى قصر الطائع : فقد أطال في وصفه بالشجاعة والجرأة والبطولة ، وأطال في وصف جوائزه وعطاياه ، وكان هناك قوم لا يرضيهم أن يكون للخلفاء جاه أو مال . وكذلك تطوع بعض الدساسين وافهم بهاء الدولة ان قصر الخليفة مملوء بالذخائر العظيمة ، وزيّن له القبض عليه ، فانخدع بهاء الدولة وتوهم أنه سيظفر بكنوز الأرض حين يقبض على الطائع ، فأرسل إليه يسأله الإذن بالحضور في خدمته ليجدد العهد ، فأذن له في ذلك ، وجلس له كما جرت العادة ، فدخل بهاء الدولة ومعه جمع كثير ، ولما دخل قبّل الأرض بين يدي الخليفة وأجلس على كرسي ، ودخل بعض الديلم كأنه يريد أن يقبّل يد الخليفة فجذب الطائع بحمائل سيفه وأنزله عن سريره والخليفة يقول : إنا للَّه وإنا إليه راجعون . وفي لحظات معدودات أخذ ما في دار الخليفة من الذخائر ، ونهب الناس بعضهم بعضا ، وكاد حبل الأمن ينقطع في بغداد . وكان الشريف الرضي في مجلس الخليفة في تلك الساعة السوداء ، فلم يدفع عنه بيد ولا لسان ، وإنما لاذ بالفرار ليسلم من عدوان الباغين . وقد كان موقفه في هذه الحادثة الشنعاء شبيها بموقف البحتري حين قتل المتوكل ، ولكن البحتري كان أشجع وأوفى ، فقد دافع عن المتوكل بيديه ثم رثاه بعد ذلك أشرف رثاء ، أما الرضي فترك صاحبه لأيدي الغادرين ، وكان يملك الدفاع عنه لو شاء ، ثم سجل الحادث بقصيدة أطال فيها الغزل والتشبيب ، كأن تلك الفاجعة لم تنسه ثورة الوجد ولوعة
145
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 145