نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 132
وهناك عبارة أصرح من هذه العبارة ، وهي منشور كتب على لسان الطائع ، جاء فيه ان الإمامة لا تصح ولا تسلم إلا برعاية البويهيين . وقد أخرجت من رسائل الصابي شواهد كثيرة تؤيد ما أقول ، ولكن لا موجب لسرد تلك الشواهد ، فهذا أمر مفروغ منه ، ومسلَّم به ، والذي اطَّلع منكم على كتاب « تجارب الأمم » يرى أن القرن الرابع لم يكن إلا مسرحا للعراك بين الفرس والترك ، ولم يكن الخلفاء يذكرون إلا من باب الاستطراد ، فكأنهم كانوا يعيشون على هامش الحياة . ولنقل بصراحة إن الشريف كان حريصا على الظهور بمظهر الولاء للديلم والأتراك ، لأنه كان يعرف أن الأمر إما أن يكون لأولئك أو هؤلاء وقد سافر مرة إلى الكوفة فتحدث ناس أنه عزم على التوجه إلى مصر ، فلما رجع إلى بغداد نفى الشبهة بقصيدة مدح فيها بني بويه وتودد إلى الأتراك ، ولا يعلم إلا اللَّه ما في تلك القصيدة من عناصر الصدق ولكنها شاهد على ما كان يجب أن يصطنعه الرجل من السياسة وهو يعيش في بغداد في النصف الثاني من القرن الرابع ، واسمعوا كيف يقول : أفي كل يوم للمطامع جاذب * يجشمني ما يعجز الأسد الوردا [1] كأني إذا جادلت دون مطالبي * أجادل للأيام ألسنة لدّا [2] أحل عقود النائبات وأنثني * وخلفي يد للدهر تحكمها عقدا [3] إذا ما نفذت السّدّ من كل جانب * رأيت أمامي دون ما أبتغي سدا
[1] الورد بفتح الواو من صفات الأسد ، وهي صفة لونية ، والورد من الخيل ما كان بين الكميت والأشقر . [2] لد بضم اللام جمع ألد ، واللدد بالفتح هو العنف في الخصومة . [3] تحكمها : من الاحكام مصدر أحكم وهو شدة الربط .
132
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 132