نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 93
أعوام البؤس في حياة الشريف أيها السادة : أحدثكم هذه الليلة عن أعظم حادثة أثّرت في حياة الشريف ، وأضرمت النار في صدره ، وبصّرته بحقائق الدنيا وخلائق الناس . وهذه الحادثة تفسر لكم إلحاح الشريف في مدح أبيه ، والتشوق إليه ، بطريقة لم تعرف عن أحد من الشعراء . هذه الحادثة هي اعتقال أبيه وحبسه في قلعة فارس من سنة 369 إلى سنة 376 . وقبل أن نفصّل أسباب هذه الحادثة نذكر أن الرضي ولد في أيام كانت تفيض بالنكبات ، وتعجّ بالدماء ، فقد حدث وهو صبيّ في المهد أن ثارت الفتن بين الديلم والأتراك ثورة عادت على بغداد بأعظم الفجائع ، وأبيحت مدينة الكرخ فدام فيها الحريق أكثر من أسبوع ، وأحرق الرجال والنساء في الدور والحمامات ، وتقدم أبو احمد الموسوي والد الرضي لمخاطبة العباس بن الحسين وزير بختيار ومحاسبته على ما وقع في الكرخ ، فغضب الوزير وصرفه عن النقابة ، وكانت يومئذ أعظم منصب يتولاه الاشراف . وما كاد الشريف يدرك كيف يبتسم لأبويه وهو في المهد حتى وقع حادث انكشفت به الخلافة الاسلامية أبشع انكشاف : فقد وردت الاخبار إلى بغداد بأن الروم غزوا نصيبين فملكوها وأحرقوها وقتلوا الرجال وسبوا الذراري ، ثم ورد ناس من ديار ربيعة وديار بكر مدينة بغداد واستنفروا المسلمين في المساجد والأسواق ، وخوّفوا البغداديين عواقب
93
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 93