نام کتاب : شرح العينية الحميرية نویسنده : الفاضل الهندي جلد : 1 صفحه : 79
مخالد هذه الأبيات فقال له أبو مخالد : يا هذا إنّ الشاعر لم يمدح صاحبك وإنّما هجاه في موضعين : أحدهما : أنّ عليّاً مجبول على البرّ والتُّقى ، ومن جُبل على أمر لم يُمدح عليه لأنّه لم يكسبه بسعيه . وثانيهما : أنّه ادّعى أنّه أُيِّد في حروبه بالملائكة ولا فضيلة له حينئذ في الظفر لأنّ حيّة النميري لو أُيِّد بهؤلاء لقهر الأعداء . ( 1 ) ولا يخفى على كلّ كبير وصغير أنّ ما ذكره من الإيرادين من السّخافة بمكان ، وأنّهما ممّا تستهجنه الأذهان وتمجّه الآذان . أمّا الأوّل فمن وجوه : الأوّل : إنّ من المعلوم عند أُولي الفهوم أنّ أمثال هذه العبارات شائعة في المبالغة على المواظبة على الأمر حتى كأنّه مجبول عليه ، كما قال تعالى : ( خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَل ) ( 2 ) وقد اشتهر أنّ العادة كالطّبيعة الثابتة ( 3 ) ، فالمجبوليّة هنا ليست على حقيقتها كما فهمه هذا المورد الأحمق ، بل إنّما هي نهاية في المبالغة في الوصف بالمواظبة والاعتياد . والثاني : إنّ من المشهور المسطور أنّ المدح لا يجب أن يكون على ما يكون بالسعي والاختيار ، إنّما ذلك الحمد على ما هو المشهور ، فأيّ وجه لما قاله من أنّه عليه السَّلام إذا كان مجبولاً عليهما لم يستحقّ المدح عليهما ؟ ! والثالث : إنّ غاية ما ألزمه هذا الأحمق أن لا يكون الوصف بذلك ممّا يسمى مدحاً ، وهو إنّما نصر السيّد لو صرّح بكونه مدحاً أو أشار إليه وليس وإن قال إنّه
1 - لم يتوفر المصدر بأيدينا . 2 - الأنبياء : 37 . 3 - في الأصل : « الثانية » وهو تصحيف .
79
نام کتاب : شرح العينية الحميرية نویسنده : الفاضل الهندي جلد : 1 صفحه : 79