نام کتاب : شرح العينية الحميرية نویسنده : الفاضل الهندي جلد : 1 صفحه : 374
ثمّ إذا نظرت إلى مكان تلك الخطبة وزمانها ، وذلك الاهتمام الذي كان للنبيّ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - بذلك حتى أنّه وقف في وسط الطريق وجمع النّاس وحبس أوائلهم على أواخرهم في اليوم الشديد الحر ، الذي كان بعضهم يلفّ رداءه على رجليه وبعضهم يضعه على رأسه ، لم يشكّ أنّه لم يكن إلا لأمر عظيم لم يجز إهماله ولا تأخيره بوجه ، وما ذلك إلاّ لأمر لا يسع الناس جهله وليس ذلك إلاّ الإمامة ، التي من مات ولم يعرفها مات ميتة جاهليّة ، وذلك يعني أن يكون المراد به الأولى بهم أو الإمام السيّد المطاع . ثمّ إذا نظرت إلى تفريع ذلك على ما قاله أوّلاً من قوله : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ، وما أجابوا به عنه من قولهم : « بلى » ، تعيّن لديك أن يكون بمعنى الأولى بهم ، ولا تشكّ في ذلك إن كنت ممّن له أدنى تتبّع لأساليب الأقاويل عربية كانت أو غيرها ، فإنّه طريق مستمرّ بين جميع المتكلّمين من آية أنّه كانوا كما لا يرتاب في أنّه إذا أقبل رجل على جماعة فقال : ألستم عارفين بعبدي زيد . ثمّ قال : فاشهدوا أنّ عبدي حرّ لوجه اللّه انصرف إلى ذلك العبد الذي أشهدهم عليه أوّلاً لا غير ، وإلاّ كان سفيهاً ملغزاً معمياً . ولا شبهة أيضاً أنّه يفهم من غير توقّف أنّ كلّ ما به يكون الرسول - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم يكون عليّ صلوات اللّه عليه أولى به بهم منهم ( 1 ) ، من غير افتقار إلى إثبات عموم للأولوية . وكلّ ما ذكرناه ممّا لا شبهة فيه عند من له أدنى رؤية في الكلام إذا أنصف ولم يتعنّت .
1 - قوله : « أولى به بهم منهم » و « به » هنا كما أشارت إليه الجملة السابقة كل ما به يكون الرسول « أولى » ، وو أما « بهم » فكما فيما سبق من قوله « ألست أولى بكم » ، واما « منهم » فالمقصود « من أنفسكم » .
374
نام کتاب : شرح العينية الحميرية نویسنده : الفاضل الهندي جلد : 1 صفحه : 374