نام کتاب : ديوان ابن فارض نویسنده : ابن فارض جلد : 1 صفحه : 9
بين الناس إلى الجامع الأزهر ، وهو عريان مكشوف الرأس ، وفي واسطه لباسه ، وأقام في هذه السكرة أياما ، ملقى على ظهره ، مسجى كالميت ، فلما أفاق ، جاء الحراس إليه ومعهم ثيابه ، فوضعوها بين يديه فلم يأخذها ، وبذل الناس لهم فيها ثمنا كبيرا . فمنهم من باع ، ومنهم من امتنع عن بيع نصيبه ، وخلاه عنده تبركا به [1] . وروي عنه أيضا انه كان ماشيا في الشارع الأعظم ، وإذا بنائحة تنوح ، وتندب على ميتة في طبقة والنساء يجاوبنها وهي تقول : < شعر > ستي متي متي حقا أي والله ، حقا حقا < / شعر > فلما سمعها ابن الفارض ، صرخ صرخة عظيمة ، وخرّ مغشيا عليه ، فلما أفاق صار يقول ويردد : < شعر > نفسي متي متي حقا أي والله حقا حقا < / شعر > وفي أخباره أيضا أنه كان يقيم في شهر رمضان بالحرم لا يخرج إلى السياحة ، ويطوي ويحيي ليله وفي ذلك يقول : < شعر > في هواكم رمضان عمره ينقضي ما بين أحياء وطي < / شعر > فشد وسط ولده محمد وكذلك فعل المجاورون بالحرم المكي ، وهم في طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك . فخرج الولد ليلا من الحرم لقضاء حاجة فرأى البيت والحرم ودور مكة وجبالها ساجدين لله تعالى ، ورأى أنوارا عظيمة بين السماء والأرض ، فجاء مهرولا إلى والده يخبره بذلك . فصرخ أبوه وقال للمجاورين الواقفين في طلب تلك الليلة : هذا ولدي قد رأى ليلة القدر . فصرخ الناس معه إلى أن علا ضجيجهم بالبكاء والدعاء والصلاة والطواف إلى الصباح وخرج ابن الفارض هائما في أودية مكة ، ولم يدخل الحرم إلى يوم العيد في تلك السنة [2] . وما دمنا نعالج شطحات وصوفية ابن الفارض التي ظهرت في شعره ولا سيما
[1] البحر الفائض في شرح شعر ابن الفارض . شرح حسن البوريني . [2] المصدر نفسه .
9
نام کتاب : ديوان ابن فارض نویسنده : ابن فارض جلد : 1 صفحه : 9