كان مولعاً بابنة عمٍ له يقال لها فاطمة وأنه طلبها زماناً فلم يصل إليها حتى كان يوم الغدير وذلك أن الحي احتملوا وقدموا الرجال وخلفوا النساء والخدم والعسفاء والثقل . فلما رأى لك امرؤ القيس تخلف عن قومه في غيابة من الأرض حتى مرت به النساء . وإذا فتياتٌ وفيهن ابنة عمه فلما وردن الغدير قلن : لو نزلنا فاغتسلنا وذهب عنا بعض ما نجد من الكلال . فقالت إحداهن : نعم ! فنزلن فنحين ثيابهن ثم تجردن فدخلن الغدير . قال : فأتاهن امرؤ القيس مخاتلاً فأخذ ثيابهن ثم جمعها وقعد عليها وقال : والله لا أعطي واحدةً منكن ثوبها حتى تخرج كما هي فتكون هي التي تأخذه فأبين لك عليه حتى ارتفع النهار وتذامرن بينهن وخشين أن يقصرن دون المنزل الذي يردن فخرجت إحداهن فوضع لها ثيابها ناحية فمشت إليها حتى لبستها ثم تتابعن على ذلك حتى بقيت ابنة عمه فناشدته الله أن يطرح إليها ثيابها فقال : لا والله أو تخرجي فخرجت فنظر إليها مقبلةً ومدبرةً فوضع لها ثيابها ناحية فلبستها ثم أقبلن عليه فقلن : فضحتنا وحبستنا وأجعتنا . قال : فإن نحرت لكن ناقتي أتأكلن منها قلن : نعم ! فاخترط سيفه فعقرها ونحرها وكشطها وجمع الخدم حطباً وأججوا ناراً عظيمة فجعل يقطع من سنامها وكبدها وأطايبها ويرمي به في الجمر وهن يأكلن ويأكل معهن ويشب من فضلة خمر كانت معهن ويغنيهن وينبذ إلى الخدم من ذلك الكباب حتى شبعوا . فلما رأى ذلك وأراد الرحيل قالت إحداهن : أنا أحمل طنفسته وقالت الأخرى : أنا أحمل رحله . فتقسمن متاع راحلته . وبقيت ابنة عمه لم تحمل شيئاً فحملته على غارب بعيرها وكان يجنح إليها فيدخل رأسه في حجرها ويقبلها فإذا امتنعت عليه أمال هودجها فتقول : يا امرأ القيس عقرت بعيري فانزل . قال : فما زال كذلك حتى جنه الليل ثم راح إلى أهله فقال : وهذه القصيدة أول ما افتككنا من أشعارهم التسع والأربعين .