وذكر في القسم الثاني أول ما قال الشعر فروى أشعارا للملائكة وآدم وإبليس والعمالقة وعاد وثمود والجن ، ثم انتقل إلى رأي النبي وأصحابه في الشعر فذكر أن النبي كان يسمعه ويجيز عليه . وخص القسم الثالث بتعيين طبقات الشعراء وذكر أسمائهم وأورد طرفا من أخبارهم وأقوال العلماء فيهم . وقد كان لهذا الكتاب تأثير كبير لما فيه من نقد الشعر والمقابلة بين لغته ولغة القرآن وأقوال الأدباء في الشعر والشعراء . ولولا ما أورده صاحبه في مقدمته من الأساطير والخرافات ، فجعل الملائكة وآدم وإبليس والجن ينطقون بالشعر العربي ، لكان لمقدمته قيمة عظيمة لأنه نحا فيها في النقد الأدبي منحى لم يكن معروفا قبله . على أنه في نقده الشعر أورد أقوال غيره وأسند إليها دون أن يعللها ، أو يرتبها أو يردها إلى مبادئ عالية ويستخلص منها حكما خاصا ونظرية شخصية ، شأن النقاد في أيامنا هذه . وها نحن أولاء موردون الطبقات السبع على النسق الذي وردت عليه في الكتاب : الطبقة الأولى : أصحاب المعلقات وهم : امرؤ القيس ، وزهير ، والنابغة ، والأعشى ، ولبيد ، وعمر بن كلثوم ، وطرفة . الطبقة الثانية : أصحاب المجمهرات ( وهي المحكمة السبك ، مأخوذة من الناقة المجمهرة وهي المتداخلة الخلق كأنها جمهور من رمل ) وهم : عبيد بن الأبرص ، وعنترة ، وعدي بن زيد ، وبشر بن أبي خازم ، وأمية بن أبي الصلت ، وخداش بن زهير ، والنمر بن تولب . ويظهر أن النساخ خالفوا في ترتيب الكتاب عمدا أو سهوا ، فجعلوا عنترة ثامن أصحاب المعلقات مع أن أبا زيد ذكره في مقدمته بين أصحاب المجمهرات ، فغير معقول أن يضعه في كتابه مع أصحاب المعلقات ، وهو إنما التزم تقسيم الطبقات سبعا سبعا ،