وأما البويهيون الشيعة فلم يساندوا الفاطميين ، بل بقوا مساندين للحكم العباسي ، ما عدا البساسيري في بغداد حيث صار مواليا للفاطميين ، ولكنه حورب من قبل الشيعة والسلاجقة على حد سواء مما يظهر أن الأقليمية لم تفقد أثرها في النفوس . واستقرّ الخلفاء الفاطميون في القاهرة ، وكان لهم نفوذ كبير في شيعة العراق ، وفيهم يقول الشريف الرضي ( ت / 406 ه ) وهو في بغداد : < شعر > أحمل الضيم في بلاد الأعادي وبمصر الخليفة العلوي < / شعر > ومن ذلك يظهر أن التشيع في هذا القرن بقي على ما كان عليه . وامتازت الدولة الفاطمية بنظام الدعوة إلى المذهب ، وهذا لم يعهد من غيرهم من قبل ، مع اعطائهم الحرية للمذاهب الأخرى ، وحتى أصحاب الديانات الأخرى حيث وصلوا إلى مراتب عالية في الدولة . الدولة البويهيّة : والبويهيون ( 334 - 437 ) من الديلم المجاور لطبرستان في منطقة الجبال التي تحصن فيها الشيعة للمحافظة على وجودهم من الابادة والقمع الأموي والعباسي ، ومنها سرى التشيع إلى الديلم وما والاها ، ومنهم آل أبي شجاع بويه ، الذين زادت شوكتهم وحكموا فارس ، ثم حكموا بغداد محافظين على الخلافة العباسية من أعدائهم الأتراك ، فإنّه استنجد الخليفة المستكفي بآل بويه خوفا من الأتراك وخلع عليه ، ولقّبه بمعز الدولة ، وفي العهد البويهي نمى العلم والأدب ، وكثرت الكتب والمؤلفين وتقدمت الحضاراة والطب ، وامتاز حكمهم العدل ، وحسن السيرة . وحكم البويهيون ما بين ( 320 - 447 ه ) في بلاد فارس والعراق والري وغيرها . أولهم : عماد الدولة أبو الحسن علي ( ت / 329 ه ) . وآخرهم : ابن سماء الدولة ( ت / 447 ه ) . وقال ابن الأثير في حوادث 372 ه عن عضد الدولة إنّه : « كان محبا للعلوم وأهلها