الكتابة في الإسلام رفع الإسلام مكانة العلم بعد الإيمان حيث قال تعالى : * ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والَّذين أوتوا العلم درجات ) * [1] ، وهذه الآية بإطلاقها تشمل جميع أنواع العلوم والمعارف . ورفع رسول الله صلَّى الله عليه وآله منزلة العلماء حيث قال : « العلماء ورثة الأنبياء » [2] ، وطبيعي أن دينا يؤكد على منزلة العلم والعلماء ويفرض على المجتمع المسلم طلب العلم ليسعى في الحفاظ على التراث الإسلامي بالوسائل المتيسّرة كافة لتعميم المعرفة والوعي بين المجتمع . وفي السيرة النبويّة ما يؤكد على هذا الأمر ، فقد روى أبو داود السجستاني ( ت / 275 ه ) بإسناده ، قال : « لما فتحت مكَّة قام النبيّ صلَّى الله عليه وآله - فذكر خطبة النبيّ صلَّى الله عليه وآله ثم قال - : « فقام رجل من أهل اليمن يقال له : أبو شاه ، فقال : يا رسول الله اكتب لي . فقال صلَّى الله عليه وآله : اكتبوا لأبي شاه . قال : قلت لابن عمر : ما يكتب ؟ فقال : الخطبة التي سمعها يومئذ » [3] . قال الجلالي : هذا الحديث بالإضافة إلى تضمّنه لأمر النبيّ بالكتابة ، يدل على أنّ خطبة الفتح كانت أولى خطب النبيّ المكتوبة ، فيكون تاريخ كتابتها عام الفتح ، الثامن للهجرة . وروى أبو داود أيضا بإسناده ، عن عبد الله بن عمر ، قال : « كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ، أريد حفظه . فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله بشر يتكلَّم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بإصبعه إلى فيه ، فقال : « اكتب ، فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلَّا حق » [4] . قال الجلالي : ومنه يظهر أن نهي قريش عن كتابة الحديث لم يكن إلَّا من الذين لم
[1] سورة المجادلة ، الآية : 11 . [2] مجمع الزوائد 1 : 126 . [3] سنن أبي داود 2 : 287 وانظر الحديث 4505 . وراجع صحيح البخاري : 39 ، باب العلم . [4] سنن أبي داود 2 : 176 ح 3646 أول باب العلم .