وموارد هذا أكثر من من موارد الأول ، وهذا سر قول الكليني : لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله . وحينئذ تصل النوبة إلى الأخذ بالمرجع الثالث ، وهو الأخذ بالمجمع عليه ، أو ما اشتهر لو كان ، أو الأخذ بالأحوط ، أو الأوسع بقبول ما وسعوا ( عليهم السلام ) بأخذ أيهما شاء ، وهذا واضح لا شبهة فيه . فظهر مما تقدم صحة حكم الكليني بصحة كتابه ، وصحة كلام أركان الفقهاء وشهادتهم بذلك . ومنها ما يتوهم من كلام الصدوق في أول كتاب يه : لم أقصد به فيه قصد المصنفين من إيراد ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به . . . الخ . الفقيه ط جديد ج 1 ص 2 . أنه لم يكن يعتقد صحة كتاب الكافي ، فإنه مبني على توهم دخول الكليني مصنف الكافي في منظور الصدوق في قوله : المصنفين ، ومبني على كشف قصد الكليني في تصنيفه إيراد جميع ما روى ، وإن لم يكن صحيحا ، وأنى لنا بإثبات ذلك ، بل القول به ليس إلا قولا بغير علم ورجما بالغيب ، بل ظاهر خطبة الكافي أوله نفيه كما تحقق فيما تقدم . قال العلامة الكامل الشيخ الحر في آخر الوسائل ج 20 ص 62 في الفائدة السادسة : قوله : لم أقصد فيه قصد المصنفين . . . الخ لا يدل على الطعن في شئ من المصنفات المعتمدة كما قد يظن ، لأن غيره أوردوا جميع ما رووه ورجحوا أحد الطرفين - أي المتعارضين - ليعمل به ، كما فعل الشيخ في التهذيب : ج 1 ص 2 - 4 ، والاستبصار : ج 1 ص 2 - 5 - حفظا للروايات - ولا ينافي ذلك ثبوت الطرف المرجوح - عنده - عن الأئمة ( عليهم السلام ) كما لا يخفى . واما الصدوق فلم يورد المعارضات إلا نادرا ، فهذا معنى كلامه أو يراد أنهم قصدوا إلى إيراد جميع ما رووه ، لكنهم يضعفون ما لا يعملون به ، أو يتعرضون لتأويله ، كما فعل هو في باقي كتبه ، ويمكن أن يكون أراد بالمصنفين أعم من الثقات الذين كتبهم معتمدة وغيرهم . . . الخ .