غير الظن ؟ ودعوى الافتراق بين المقامين ليست إلا الاختلاق . المقام الثاني : في دفع الشبهات التي قيل أو ربما يقال على خلاف ما ذكرنا : منها ما ربما يقال : أن الكليني لم يكن جازما لصدور رواياته عن المعصومين ( عليهم السلام ) ، لاستشهاده بقوله ( عليه السلام ) في الرواية : خذوا بالمجمع عليه . . . الخ ، ولزوم الأخذ بالمشهور من الروايتين عند التعارض . قال المستشكل : فان هذا لا يجتمع مع الجزم بصدور كلتيهما ، فإن الشهرة إنما تكون مرجحة لتميز الصادر عن غيره ، ولا مجال للترجيح بها مع الجزم بالصدور ، انتهى . أقول وهذا مردود بوجوه : أولا : إن الجزم بالصدور لا ينافي عدم الجزم بوجه الصدور ، وأنه هل صدر تقية أم لا ؟ وثانيا : كما أن الشهرة قد تكون مرجحة لما هو أحرى وأحسن وأحوط في مقام الأخذ والعمل ، وإن كان يجوز قبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : بأيما أخذتم ، من باب التسليم وسعكم كما صرح به الكليني وغيره ، والأمر بالأخذ بالمجمع عليه وبما اشتهر بين الأصحاب لا يدل على بطلان غيره إذا كان موافقا للقرآن ومخالفا للعامة ، كما فصلنا الكلام فيه في المستدرك ج 3 لغة ( خلف ) . وثالثا : كلام الكليني بيان كلي وميزان شرعي لوجوه الاختلاف وكيفية رفعه ، حيث ذكر السائل أن أمورا أشكلت عليه لا يعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها ، وليس نظره إلى كتابه ، فإن السائل - كما نقله في أول الكتاب - شكا إليه تصالح أهل زمانه وتوافقهم وتعاونهم على الجهالة ومباينتهم للعلم وأهله ، وتضييع العلم وأهله ، فسأل : هل يسع الناس المقام على الجهالة والتدين بغير علم ، والدخول في الدين على جهة الاستحسان ، وتقليد الآباء