نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 39
إذا جففا بحيث ارتفع عنهما الرطوبة وألقيا في الماء الكر أو الجاري مثلا فبقيا مدة يسرى فيهما الماء إلى أعماقهما طهرا قطعا ( فحينئذ ) نقول انه يجوز بيع الدهن المتنجس ليعمل صابونا لكونه مما له حالة فيها يقبل التطهير وان أبيت عن قبول الصابون للطهارة بالوجه المذكور فقل ان حاله حال الدراهم والدنانير التي تعملها أهل الشرك فيتنجس الذهب والفضة في حال ذوبهما فكما ان لهما حالة قبل فيها الطهارة وهي ما بعد الجمود لان ظواهرها تطهر وبهذا الاعتبار يصحّ استعمالها والاكتساب بها ( فكذلك ) الصّابون فإنه يطهر ظاهره بعد الجمود ثم بعد الاستعمال في غسل الثياب مثلا يقبل ظاهر ما بقي منه الطهارة إذا غسل بماء مطهر وهكذا لكن هذا الطريق وان أوجب قبول نفس الصابون الطهارة الا انه يشكل الحال في رغوته فيسري فيه البحث عن ان المتنجس وهي الرغوة هل يجوز استعماله أم لا فالوجه هو الأول فالجواب ان قبول الصّابون للطهارة بالوجه الأول مسلم كالجبن كما ان قبولها بالوجه الثاني مسلم لكن يشكل الأمر في رغوته كما ذكر الا ان ذلك لا ينفع في تجويز بيع الدهن المتنجس لأن الذي له حالة يقبل فيها التطهير انما هو الصّابون دون الدهن المتنجس لأنه قد استحال إلى شيء أخر وهذا الجواب ذكره بعض من تأخر ولي فيه نظر لعدم تحقق استحالة الدهن في الصّابون بل المحقق خلافه ويشهد بذلك انه لو تحققت لطهر بالاستحالة الا ان يقال ان المانع من الطهارة ( حينئذ ) امتزاجه بما تنجس به فبعد استحالته لا يستحيل ما امتزج به وهو متنجس فلا يقبل الطهارة لكن انه لو استحال الدّهن لاستحال ما امتزج به لان التغيير عن الحالة الأولى موجود في كليهما فدعوى استحالة أحدهما دون الأخر تحكم فتأمل وبعد ذلك كله نقول ان دعوى استحالة الدهن في الصّابون يكذبه الوجدان وليس حاله الأمثل حال اللبن الذي صار جبنا وهذا القدر من تبدل الحال والوصف لا يتحقق به الاستحالة ثم نقول بعد ذلك انه يصحّ ان يقال ان للدهن حالة يقبل فيها التطهير في ضمن الصابون كما انك تقول في الذهب والفضة المتنجسين في حال ذوبانهما ان لهما حالة يقبلان فيها التطهير وهو ما بعد الجمود فتأمل ثم ان ما ذكر من قياس الصابون بالذهب والفضة ليس في محله لان لهما بحسب ما يقصد بهما من الانتفاع حالة يقبلان فيها الطَّهارة وهي حالة الجمود وليس للصابون بحسب ما يقصد به من المنفعة وهو التنظيف والغسل به حالة طهارة لأن مجرد طهارة ظاهره لا يحصل ما هو الغرض المقصود فيشكل الحكم بجواز البيع لمجرد تلك الحالة الغير المفيدة فتحصّل من جميع ما ذكرنا ان الحق جواز الانتفاع بالمتنجس ( مطلقا ) ويؤيده ما أشار إليه المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) من ان الاستصباح قد ذكر في النص من باب المثال وانه لا خصوصية له من بين فوائد الدهن ولهذا قوبل بالنهي عن الأكل وكان ذلك لسهولته بالنسبة إلى باقي المنافع وغلبة الاحتياج إليه لا لخصوصية فيه نعم يستثني من الانتفاعات المتعلقة بالمتنجس صورتان أشار إليهما ( المصنف ) ( رحمه الله ) في طي كلامه إحديهما استعماله في الأكل والشرب وفيما هو مشروط بالطهارة كالصلاة ونحوها وثانيتهما ما لو كان الاستعمال على وجه عدم المبالاة بالنجاسة الموجب لعدم المبالاة بالدّين قوله فمنها قوله تعالى « إِنَّمَا الْخَمْرُ والْمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ » قال في مجمع البحرين بعد ذكر هذه الآية قيل الرجس بالكسر القذر وقيل العقاب والغضب كما نقله الفرّاء في قوله ( تعالى ) « كَذلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ » ثم قال بعض الأفاضل الرجس وان كان بمعنى القذر وهو أعم من النجاسة الا ان الشيخ ( رحمه الله ) قال في التهذيب ان الرجس هو النجس بلا خلاف وظاهره انه لا خلاف بين علمائنا في انه في الآية بمعنى النجس انتهى وأقول ان الالتزام بكون الرجس في الآية هو خصوص النجس مما يأبى عنه مساقها لأنه قد جعل فيها خبرا عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ومن البين انه كما يصحّ الاخبار بالنجاسة عن الخمر ( كذلك ) يمتنع الاخبار بها عن قرينتيه ؟ ؟ ؟ الذين هما الأنصاب والأزلام فلا بد وأن يكون بمعنى عام يصح حمله على الجميع وهو القذر أو العقاب والغضب بمعنى سبب العقاب والغضب قوله ومن بعض ما ذكرنا يظهر ضعف الاستدلال على ذلك بقوله تعالى « والرُّجْزَ فَاهْجُرْ » بناء على ان الرجز هو الرجس قال في مجمع البحرين الرجز بكسر الراء أو ضمها اما العذاب كما هو قول الأكثرين فيكون الأمر بهجرانه أمرا بهجران أسبابه الموجبة له أو النجاسة فهو ( حينئذ ) صريح في وجوب توقّي النجاسة في الصّلوة وكذا قاله بعض المفسرين وفسره البعض بالأوثان وسميت رجزا لأنها سبب الرجز الذي هو العذاب انتهى ومن ذلك يعلم الوجه في تقييد ( المصنف ) ( رحمه الله ) بقوله بناء على ان الرجز هو الرجس ثم ان بعض ما ذكره ( رحمه الله ) عبارة عن ان الرجس ما كان ( كذلك ) في ذاته لا ما عرض له ذلك فيختص بالعناوين النجسة وهي النجاسات العشر مع انه لو عم المتنجس لزم ان يخرج عنه أكثر الأفراد فإن أكثر المتنجسات لا يجب الاجتناب عنه فلبس المتنجس والتوسد عليه والتدثر به بل الجوامد كلها خارجة عن حرمة الانتفاع بها وكذا المائعات القابلة للتطهير اما بالاتصال بالماء المطهر أو بالامتزاج به أو كونها مما له حالة يقبل فيها التطهير كالعجين المتنجس ونحوه بناء على انه له حالة هي التجفيف يقبل فيها التطهير ( أيضا ) وكونها قد تنجست بنفس ذلك الاستعمال كتنجس الدهن عند أدهان جلد الحيوان أو الإنسان النجس كما لو كان فيه جرح يدمي فان الدهن يتنجس بأول الاستعمال فتتميم ذلك الاستعمال يصير من قبيل استعمال المتنجس وليس بمحرم كما أشار إليه بعض من قال بأن الأصل حرمة الانتفاع بالمتنجس كصاحب الجواهر وحيث قال يمكن القول باقتصار المنع على المتنجس سابقا قبل الاستعمال امّا ما تنجس به كطلي الأجرب مثلا فلا انتهى وكذا ما يقبل ظاهره التطهير بعد الجمود كالقير والفضة والذهب ونحوها إذا تنجست مايعة ثم جمدت فلا بأس بالتكسب بها مايعة باعتبار ان لها حالة يقبل ظاهرها التطهير فيها وبه يحصل النفع المقصود وكذا الدهن المتنجس بالاستصباح به وكذا التبرد بالماء المتنجس بصبه على جلدة إذا كان مقصوده بعد ذلك المتطهر لمشروط بالطهارة وغير ذلك مما يشمله التقلب في المتنجس مما ليس بمجرم كالخضاب بالحناء المتنجس وبل الصّبغ والطين بالماء المتنجس قوله إذ لا يخفى ان المراد هنا حرمة الأكل بقرينة مقابلته بحل الطيبات كون المراد بحل الطيبات هو أكلها اما من جهة الظهور العرفي لو من جهة وقوع التصريح في آيات عديدة بحل الطيبات فيصير قرينة على ان المحذوف من جنس المذكور قوله وفيه ما تقدم من ان المراد بوجوه النجس عنواناته المعهودة لأن الوجه هو العنوان والدهن ليس عنوانا للنجاسة والملاقي للنّجس وان كان عنوانا للنجاسة لكنه ليس وجها من وجوه النجاسة في مقابل غيره ولذا لم يعدوه عنوانا في مقابل العناوين النجسة أورد عليه بعض المعاصرين بان المتبادر من الوجه انما هو مطلق الجهة والعنوان ولو بقرينة التعليل وعدم تعداده بالخصوص غير قادح لكفاية العموم له عن ذلك كما في باقي النجاسات بل قد يكون قوله أو شيء من وجوه النجس معطوفا على وجه من وجوه الفساد فيكون كالنص في خصوص الملاقي له وأنت خبير بان توجه المنع إلى ما ذكره من التبادر جلي وصيرورة التعليل قرينة انما يتم لو كان كل واحد من النهى عن الأكل والشرب واللبس والإمساك والتقلب علة مستقلة حتى تتم صيرورته قرينة بان أكل المتنجس حرام قطعا وليس ( كذلك ) بل التعليل انما هو بالمجموع ويصير حاصله كون الشيء منهيا عنه ( مطلقا ) بحيث يحرم جميع منافعه أو يحرم منافعه الظاهرة كما ذكره ( المصنف ) ( رحمه الله ) سابقا في معيار كون الشيء منهيا عنه الموجب لحرمة التكسب به و ( حينئذ ) نقول ان المتنجسات لم يعلم كونها منهيا عنها بقول ( مطلقا ) بحيث يحرم جميع منافعه أو يحرم منافعه الظاهرة حتى ان المتنجس لو كان من قبيل الملبوس حرم لبسه مثلا فكيف يكون التعليل قرينة على دخول المتنجسات واما قوله وعدم تعداده بالخصوص غير قادح لكفاية العموم من ذلك كما في باقي النجاسات ظاهره ان عدم تعداده في الحديث غير قادح لان عموم قوله أو شيء من وجوه النجس يكفي في إفادة المطلوب ويشهد بذلك انه اكتفى فيه عن ذكر باقي أفراد النجاسات الغير المذكور في الحديث بذكر العموم فيه وعلى هذا يكون الكلام أجنبيا عن تعداد
39
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 39