ثم ذكر قراءته المغني عند السيد التستري المتقدم ، وعلم البيان عند الكرمانشاهي المتقدم أيضا والمعالم عند أخيه . ثم قال : ثم شرعت في قراءة زبدة الأصول مع شرح اللمعة ، وبعدهما شرعت في قراءة الرياض . وسافر الوالد الأستاذ في سنة ثلاث وستين بعد المائتين والألف إلى زيارة قبر مولانا سيد الشهداء عليه السلام . فبعد مراجعته من العتبات العاليات دخلت في مجلس درس الوالد الأستاذ في قراءة حجية الأخبار مع جمع كثير من تلامذته المستعدين المدعين لمرتبة الاجتهاد ، فكنت من أول تحصيلي الأصول إلى أن توفي ، وكلما قرأت مسألة من المسائل الأصولية حررتها بعين ما قرره . وفي خلال هذه الأحوال اشتغلت بالتدريس والمباحثة من أول طلوع الشمس إلى ساعة أو أكثر بعده ، وبعد الفراغ منه أحضر مجلس الوالد إلى الظهر . فعدت إلى داري وكنت مشتغلا بالمطالعة وتحرير الدرس بعد رفع الكسالة بالنوم وأداء الصلاة ، حتى بقيت من النهار ساعتان ، وفيهما كنت مشغولا بتقرير درس الوالد الأستاذ لجمع من متعلميه : إما في منزلي أو في المدرسة ، وكان هذا دأبي وطريقتي في سنين عديدة . إلى أن وفقني الله ، فخرجت من حضيض التقليد إلى الاستنباط ، وتحصيل الفروع على وجه الاستدلال ، ومع ذلك لم أزل فائزا بتحصيل علمي الفقه والأصول عنده في أيام التحصيل إلى أن مات . وفي أيام التعطيل كيوم الأربعاء والخميس وأشهر الصيام مشغولا بالدراية والرجال ، إلا أن كثيرا من الأوقات في خلال سنين التحصيل كنت مبتلى بابتلاءات خطيرة والعطال ، سيما بعد التأهل وحصول نعمة الأولاد والأطفال . فتوفى الوالد فازداد لي الاشغال من الابتلاء بالقروض الكثيرة وأذى ذوي الأذناب وحسدة الأقارب ، وبغض أهل النفاق والشقاق إلى زمان تأليف هذا الكتاب . فأشكر الله على جزيل أنعامه ، أرجو منه الثواب ودفع العقاب ، وانما أشكو بثي وحزني إلى رب الأرباب ، وانتظر الانتقام من الملك الوهاب .