أنت الساعي على أمير المؤمنين عثمان ، وخاذل أُمّ المؤمنين عائشة ، والوارد الماء إلى عليّ عليه السلام بصفّين ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! من ذاك ما أعرف ، ومنه ما أُنكر ، أمّا أمير المؤمنين عثمان فأنتم معشر قريش نصرتموه [1] بالمدينة والدار منّا عنه نازحة وقد حضره المهاجرون ، والأنصار عنه بمعزل ، وكنتم بين خاذل وقاتل ، وأمّا عائشة فإنّي خذلتها في طول باع ورحب سرع [2] ، وذلك أنّي لم أجد في كتاب اللَّه إلا أن تقرَّ في بيتها ، وأمّا ورودي الماء بصفّين فإنّي وردت حين أردت أن تقطع رقابنا عطشاً ، فقام معاوية وتفرَّق الناس ، ثمَّ أمر معاوية للأحنف بخمسين ألف درهم ولأصحابه بصلة ، وقال للأحنف حين ودَّعه : حاجتك ؟ قال : تدر على الناس عطيّاتهم وأرزاقهم ، فإن سالت المدد منّا أتاك منّا رجال سليمة الطاعة شديدة النكاية . وقيل : إنَّه [ كان ] يرى رأى العلويَّة ، ووصل الحباب بثلاثين ألف درهم ، وكان يرى رأي الأُمويَّة ، وصار الحباب إلى معاوية وقال : يا أمير المؤمنين ! تعطى الأحنف ورائه رأيه خمسين ألف درهم ، وتعطيني ورائي رأيي ثلاثين ألف درهم ؟ فقال : يا حباب ! إنّي اشتريت بها دينه ، فقال : يا أمير المؤمنين ! تشتري أيضاً منّي ديني ، فأتمَّها له ، وألحقه بالأحنف ، فلم يأت على الحباب أسبوع حتّى مات وردَّ المال بعينه إلى معاوية لعنه اللَّه عليه ، فقال الفرزدق ، يرثي الحباب : < شعر > أتأكل ميراث الحباب [3] ظلامة وميراث حرب جامد لك ذائبه أبوك وعمّي يا معاوية أورثا تراثاً فيختار [4] التراث أقاربه ولو كان هذا الدين في جاهليَّة عرفت من المولى القليلُ حلائبه < / شعر >
[1] كذا وفي الكشّي : حصرتموه . [2] كذا وفي الكشّي : سرب . [3] كذا ، وفي ديوان الفرزدق : الحتات . [4] كذا ، وفي الديوان : فيحتاز .