أصل ، فليس نفي الحاجة إلى هذا العلم في محلَّه . وأمّا القرينة الخامسة فمطعونة بأنَّ معرفة كون الراوي ممَّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه موقوفة بمعرفة علم الرجال ، مع أنَّ ما نقل لنا من الإجماع المزبور إنَّما هو بخبر الواحد ، ودعوى إفادته القطع مصادرة ، ومع التَّسليم ليس ذلك من الإجماع المصطلح حتّى يكون حجَّة ، لا سيَّما عند هذا المدّعى [ لكونه أخباريّا ينكر حجيَّة الإجماع ] [1] ومع التَّسليم الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم إنَّما هو لكونهم ثقات مأمونين متحرّزين عن التعمّد بالكذب ، لا لكونهم معصومين عن الخطأ والغفلة والسَّهو ، فباب احتمال المخالفة للواقع مفتوح من هذه الجهة ، فكيف يدّعي حصول القطع به ؟ وبذلك يعلم الجواب عن القرينة السادسة والسابعة ، على ما في السابعة من أنَّ شهادتهم بتصحيح الأخبار المدوَّنة في كتبهم لا يستلزم كونها قطعيَّة ، إذ الصحيح على اصطلاح القدماء يطلق على كلِّ حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه ، وأنّى لك بإفادة هذه الشهادة قطعيةَ الأخبار ؟ وما يقال : إنَّ تلك الأخبار المدوَّنة في الأُصول المعتمدة ، جواز العمل بها قطعيٌّ فلا حاجة إلى علم الرجال إلا في المتعارضات حيث إنَّه يجب الرجوع فيها إلى المرجّح ، وظاهرٌ أنَّ من أسباب الرجحان والمرجوحيَّة هو استعلام حال الراوي لها . فيه : أنَّ دعوى القطع بجواز العمل بكلّ ما في الأُصول ولو كان راويها من الكذّابين المشهورين الَّذين ورد لعنهم ولزوم الاجتناب عنهم عن