أما كون الثقة تَثْبُتُ بنفي الطعن فهو الّذي صرّح به المحقّق الحلّي بوضوح فقال : " إذا قال : " أخبرني بعض أصحابنا " وعنى الإماميّة ، يُقبل ، وإنْ لم يصفه بالعدالة ، إذا لم يصفه بالفسوق ، لأنّ إخباره بمذهبه شهادةٌ بأنّه من أهل الأمانة ، ولم يعلم عنه الفسوق المانع من القبول " . ( 1 ) وهذا المنهج مبنيّ على " أصالة الوثاقة في المؤمن " بشرط عدم الطعن فيه ، وهو منهج قُدماء أصحابنا ، والملتزم عند المحقّقين من غيرهم . وعلى هذا ، فأثر " الطعن " وجوداً وعدماً ، يظهر بوضوح في المعالجات الرجاليّة . ولدينا ملاحظات عامّة ، تؤكّد على التزام القدماء ، وعلماء الرجال بالخصوص بهذا المنهج ، نعرضها : 1 - نلاحِظُ أنّ القدماء إلى عصر الشيخ الطوسيّ ، لم يصرّحوا بِقول " ثقة " مع جميع الثقات ، حتّى المشاهير ، وإنّما نجد التصريح بذلك مع مخالفي المذهب من الثقات غالباً ، كما فعله أبو غالب الزراريّ في الرسالة ( 2 ) مع مشايخه من الواقفة دون غيرهم . أو مع الذين صدرت فيهم طُعُون لم يرتضوها في الدين أو الصدق أو السداد ، وأرادوا بالتصريح بوثاقتهم بِمثل : " كان ثقة " دفع تلك الطعون المقولة أو المتوهّمة في حقّهم .
1 . معارج الأُصول ، قم : مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - للطباعة والنشر ، 1403 ه ، ص 151 . 2 . رسالة أبي غالب الزُراريّ ، ص 150 ( الفقرة : 9 / ب ) .