نام کتاب : تذكرة الأعيان نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 52
قال تعالى : * ( ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) ) * [1] . وظاهر قوله : * ( ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ) * أنّه سبحانه أكمل دينه النازل على نبيّه - صلى الله عليه وآله وسلم - من جميع الجوانب ، وكافة الجهات . فهذا الدين كامل في معارفه وعقائده ، كامل في وظائفه وأحكامه ، كامل في مقومات استمراره ، وموجبات خلوده ، ومتطلبات بقائه ، على مدى الأَيام والدهور . فلا وجه اذن لقصر الآية على الكمال من ناحية دون ناحية ، وجانب دون آخر ، فهي بإطلاقها تنبئ عن كمال الشريعة في جميع جوانبها ، ومجالاتها من غير اختصاص بالايمان ، أو بالحج ، أو بغيره . على أنّ حديث الإِكمال الوارد في هذه الآية ، لا يختص بإكمال الدين من حيث بيان العقيدة وتبليغ الشريعة ، بل يعم الإِكمال بقاء الشريعة واستمرارها طيلة الأَعوام ، إذ ليس حديث الدين كالمناهج الفلسفية والأَدبية وما يشبه ذلك ، فإنّ الإِكمال في هذه المناهج يتحقّق بمجرّد بيان نظامها وتوضيح خطوطها الفكرية ، سواء تحققت على الصعيد العملي أم لا وسواء دامت أو اندثرت ، بل الدين شريعة إلهية أنزلت بغية تحقيقها في الخارج ابتداء واستمراراً حسب الأَجل الذي أُريد لها . فتشريع الدين من دون الأَخذ بنظر الاعتبار عوامل استمراره يعد ديناً ناقصاً . ولأَجل ذلك دلت السنّة على نزول الآية * ( ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ) ) * يوم غدير خم عندما قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بنصب علي - عليه السلام - للولاية والخلافة [2] .