نام کتاب : تذكرة الأعيان نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 368
وممّا يثير العجب أنّ هذه النظريّة اختارها الأسترآبادي في حين كانت النظريّة الحسّيّة رائجة في أوروبا ، وقد توفّي الأسترآبادي عام ( 1033 ه ) ، ( 1623 م ) ، وقد توفّي ديكارت عام ( 1650 م ) . وقد كان هذا العصر عصر النهضة العلميّة المبنيّة على الحسّ والتجربة ، والفيلسوف الفرنسي « ديكارت » وإن لم يعتمد على الحسّ من باب أنّه من أدوات المعرفة ، غير أنّ النهضة العلميّة التي أيّدها « ديكارت » ، وبعده « جانلوك » ( 1704 م ) ، كان عصر النهضة العلميّة الحسّيّة المبنيّة على الايمان بالمحسوسات ، ورفض المغيّبات والعقليّات ، ولا أدّعي أنّ الشيخ الأسترآبادي تأثّر بتلك الموجة وإنّما هو من باب تداعي الخواطر . هذه هي الأصول المهمّة التي اعتمد عليها الأَخباريّون وفي طليعتهم الأَمين الأسترآبادي في مسلكه المبتدع الذي لا يمتّ إلى مذهب السلف الصالح من علماء الإِماميّة بصلة . ازدهار المسلك الاخبارى بعد الأَمين ولقد أخذ المسلك الذي ابتدعه الشيخ الأَخباري في الانتشار والذيوع ، واشتهر خلال قرنين في المحافل العلميّة ، حتّى تأثّر به عددٌ كبيرٌ من علماء الشيعة إلى عصر الأُستاذ الأَكبر المحقّق البهبهاني ( 1118 1206 ه ) ، وكانت الظروف آن ذاك مناسبة لتنامي هذا المنهج لعللٍ لا يسع المجال لذكرها . غير أنّ الأُستاذ الأَكبر البهبهاني قد قضى على تلك الفكرة ، بفكره الناضج ، وحججه الباهرة القاهرة ، وجهاده المتواصل إلى أن رجع كثير من المتأثّرين بالمسلك إلى الطريقة الحقّة والمنهج الصحيح ، وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت من المسلك المذكور مخلَّفات وآثار غير محمودة عند المتأخّرين من العلماء ، فقام الشيخ مرتضى الأَنصاري قدَّس سرَّه بإزالة ما بقي من تلك الرواسب في
368
نام کتاب : تذكرة الأعيان نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 368