نام کتاب : تذكرة الأعيان نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 322
يسند إليها التقدّم والتأخّر بالمجاز والعناية ، يشبه وصف الجسم الذي لا يقبل الحرارة بأنّه حارّ حقيقة ، أو الذي لا يقبل الاحتراق بأنّه محترق بالحقيقة . فلو كانت الكائنات المادّية قارّة في حقيقة ذاتها ، ثابتة في صميم طبيعتها ، استحال أن توصف باللَّاقرار واللإثبات ، والتقدّم والتأخّر إلَّا بالمجاز والعناية ، ويكون وصفها من قبيل الوصف بحال المتعلَّق [1] . ولكن اتّصافها بالتقدّم والتأخّر ، والتصرّم والانقضاء ، والمضيّ والاستقبال ، على الحقيقة ، خير دليل على أنّ لهذا الوصف منشأ في ذات الجسم وطبيعته ، وحقيقة جوهرة . ولأَجل ذلك نرى أنّ الموجودات الخارجة عن أُفق الزمان ( كالمجرّدات ) لا تقع في نطاق الزمان ولا توصف به ولا توصف بالتقدّم والتأخّر [2] أي لا تكون ضمن الزمان ولا معه بل هي خارجة عنه غير موصوفة به ، ونسبتها إلى الزمان المتقدّم والمتأخر سواء . وهذا بخلاف الكائنات المادّية فإنّ نسبتها إلى الزمان ليست على نحو واحد ، ففيها المتقدّمات وفيها المتأخّرات على وجه الحقيقة لا المجاز . ولأَجل ذلك يجب أن نقول : إنّ ملاك الوصف بالتقدّم والتأخّر ، موجود في نفس هويّات الكائنات وطبائعها ، وأنّ لها هوية سيالة متقدّمة ومتأخّرة . وبعبارة أُخرى : إنّ مثل الكائنات المادية ونسبتها إلى الزمان مثل نسبتها إلى المكان ، فكما أنّ البعد المكاني داخل في هوية الكائنات المادّية ، بمعنى أنّ الجسم
[1] مثل قولنا : زيد طويل ثوبه [2] ويشبه ذلك القوانين الرياضية مثل 4 2 + 2 فإنّ هذا الأَمر نزيه عن الزمان وإن كان كلّ واحد من مصاديق هذه الأَرقام أُموراً زمانية ، ولكن تلك القاعدة الكلَّية منزّهة عن الزمان مبرّأة من السيلان وهو أشبه شيء بالمجرّدات في عالم الأَعيان غير المادية .
322
نام کتاب : تذكرة الأعيان نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 322