سلّمنا ، لكنّك كيف تسمّى قول الشهيد الثاني ( رحمه الله ) في شرح الدراية : " قد استقرّ أمر الإماميّة على أربعمأة مصنّف سمّوها أُصولاً فكان عليها اعتمادهم تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأُصول ، ولخّصها جماعة في كتب خاصّة تقريباً على المتناول " ( 1 ) شهادةً منه بكون أحاديث كتبنا هي أحاديث تلك الأُصول ، وكذا كلام مؤلّفي الكتب الأربعة ، ولا يرد عليك الاعتراض الأوّل والثاني مع أنّه لا فارق بين المقامين ؟ ! سلّمنا ، لكنّ الفرق الذي سألت عنه ( 2 ) واضح كما أوضحناه سابقاً . وأمّا الثالث ، فلأنّ قولهم ذلك صريح الدلالة على أنّ الاعتماد في الأخبار إنّما هو على الخبر الذي حصل الوثوق بصدوره من المعصوم ( عليه السلام ) بأيّ سبب كان ، ومن الأسباب ما ذكر ، ومنها : كون الحديث مسنداً إلى المعصوم ( عليه السلام ) برجال ثقات ، لا ما فهمتَ منهم من أنّهم لا ينحازون عن الصحيح بالاصطلاح الجديد . وأمّا الرابع ، فلأنّ اختلاف الرأي في المسائل [ ممّا لا يوجب الطعن ، وإلاّ لكان اللازم على السلسلة العَلِيّة الأخباريّة أن لا يختلفوا في شيء من المسائل . وهل يصدر مثل ذلك عن جاهل فضلاً عن عالم ؟ ! فإنّ اختلاف الرأي في المسائل ] ( 3 ) ممّا ليس بأمر جديد مبدَع ، بل كان ذلك الاختلاف بسبب اختلاف الفهم في المشافهين أيضاً . ولمّا كان البناء في المقام على الظنّ ، فليس اتّفاق الكلّ على أمر واحد بأمر لازم . وبالجملة : غير خفيّ على الغوّاص في العلوم أنّ صدور أمثال ذلك منشؤه قصور الفهم أو قلّة التدبّر في كلمات الأعيان .
1 . الرعاية في علم الدراية : 72 . 2 . أي الفرق بين التعديل والتصحيح " منه " . 3 . ما بين المعقوفتين ليس في " ج " .