بين نوع الإنسان وسائر الأنواع كما في منشأ القوّة الشهويّة والغضبيّة وهو الحيوانيّة ، وإمّا جزءاً هو الفصل والمقوّم لذلك النوع كما في منشأ القوّة العقليّة وهو النطق . فإن كان الأوّل ، يرد أوّلاً : أنّ ذلك العارض إنّما عرض الإنسان لأمر أعمّ فليكن من الأعراض الغريبة على بعض الاحتمالات كما سيجيء . وثانياً : أنّه انّما عرضه لجزئه فليرد المفاسد الثلاثة . وإن كان الثاني ، يرد الاعتراض الثاني ، ووجودُ أمر جوهريّ في النوع خارج عن الجنس والفصل غير معقول . وعلى الثاني فعروض ذلك العرض للإنسان إمّا لذاته أو لجزئه أو لأمر يساويه ، وعلى الأوّلين يلزم المفاسد ، لأنّ السبب في الفسق - مثلاً - هو القوّة الشهويّة العارضة للإنسان لذاته أو لجزئه ، والذاتي لا يتخلّف فلا يتخلّف مسبّبه وإن لم يكن سبباً فيه بل من المقتضيات ، فلا حاجة إلى هذا التكلّف البارد ، في دفع المفاسد . وعلى الأخير ينقل الكلام إلى هذا الأمر المساوي وهلمّ جرّاً . وثانياً : إنّ المقرَّر في محلّه أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ولا إشكال فيه . إنّما الشأن في بيان المعيار في كون العرض من الأعراض الذاتيّة أو الغريبة . ويمكن جعل المناط في كونه ذاتيّاً كونَ العروض لاستعداد حاصل في ذات المعروض من حيث كونها ذاتاً مخصوصة سواء كان بلا واسطة كالممكن والحاجة . - والتمثيل له بالتعجّب والإنسان لعلّه ليس في محلّه ؛ فإنّ الفِعليَّ من التعجّب ليس من مقتضيات الذات قطعاً ، وإلاّ لكان الإنسان متعجّباً دائماً والشأنيَّ منه مقتضى عروضه إمّا إيجاده تعالى الذي هو الأمر المباين وإمّا النطق الذي هو الجزء