قيل : وقبض النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) عن مائة وأربعةَ عَشَرَ ألفَ صحابي . ( 1 ) والتابعي من لقي الصحابيَّ بالقيود المذكورة ، واستثنى منها قيد الإيمان به فذلك خاصّ بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) . بقي قسمٌ ثالث بين الصحابي والتابعي اختُلف في إلحاقه بأيّ القسمين وهم المخَضْرَمون الذين أدركوا الجاهليّة والإسلام ولم يَلقَوْا النبيّ ، سواء أسلموا في زمانه كالنجاشي أم لا ؟ واحدهم خضرم كأنّه قُطع من نظرائه الذين أدركوا الصحبة . ثمّ الرواي والمرويّ عنه إن استويا في السنّ أو في الأخذ عن المشايخ فهو النوع الذي يقال له : رواية الأقران ؛ لكونه راوياً عن قرينه وذلك كالشيخ والسيّد ، فإنّهما أقران في طلب العلم والقراءة على المفيد ( رحمه الله ) ، فإن روى كلّ منهما عن الآخر فهو النوع الذي يقال له : المدبَّج - بفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحّدة وآخره الجيم - مأخوذ من ديباجتَيِ الوجه كأنّ كلاًّ من القرينين يبدّل ديباجة وجهه للآخر ويروي عنه ، وهو أخصّ من الأوّل ، فكلّ مدبَّج أقران ولا عكس . وإن روى عمّن دونه في السنّ أو في اللُقَى أو في المقدار فهو النوع المسمّى برواية الأكابر عن الأصاغر ، كرواية الصحابي عن التابعي ونحو ذلك ، ومن هذا القسم رواية الآباء عن الأبناء والواقع كثيراً في الخارج عكس ذلك . ومن الأوّل رواية العبّاس بن عبد المطّلب عن ابنه الفضل أنّ النبيّ جمع بين الصلاتين بالمزدلفة ( 2 ) ، وفي الثاني قد تقع رواية الأبناء عن الآباء وقد تقع روايتهم عن الأجداد في مرتبة واحدة أو أزيدَ وقد يقع التسلسل بأربعةَ عَشَرَ أباً . وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقدّم موت أحدهما على الآخر ، فهو النوع المسمّى بالسابق واللاحق .
1 . الرعاية في علم الدراية : 345 . 2 . المصدر : 355 .