[ حكم الرواية بالإجازة ] ثمّ إنّ المشهور بين المحدّثين والأُصوليّين جواز الرواية والعمل بالإجازة بل عن جماعة دعوى الإجماع على ذلك نظراً إلى شذوذ المخالف . وعن الشافعي في أحد قوليه وجماعة من أصحابه : عدمُ جواز الرواية بها ؛ استناداً إلى أنّ قول المحدّث : " أجزت لك أن تروي عنّي " في معنى : " أجزت لك ما لا يجوز في الشرع " ؛ لأنّه لا يُبيح رواية ما لم يُسمع ، فكان في قوّة " أجزت أن تكذب عليَّ " . ( 1 ) وضعفه ظاهر ؛ لأنّ الإجازة عرفاً في قوّة الإخبار بمرويّاته جملةً فهو كما لو أخبره تفصيلاً ، والإخبار غير متوقّف على التصريح نطقاً كما في القراءة على الشيخ ، مضافاً إلى أنّ الإجازة والرواية بها مشروطتان بتصحيح الخبر من المجيز بوجوده في أصل مصحّح مع بقيّة ما يعتبر فيها ، فلا يتحقّق الكذب ، مضافاً إلى أنّ حصر جواز الرواية فيما سُمع تفصيلاً أوّلُ الكلام ، فهذا الاستدلال يُشبه المصادرةَ . ثمّ المجوّزون اختلفوا في ترجيح السماع عليها أو بالعكس بين عصر السلف قبل جمع الكتب المعتبرة التي يعوّل عليها ، وبين عصر المتأخّرين ، ففي الأوّل السماع أرجح ؛ لأنّ السلف كانوا يجمعون الحديث من صحف الناس وصدور الرجال فدعت الحاجة إلى السماع خوفاً من التدليس بخلاف ما بعد تدوينها ؛ لأنّ فائدة الرواية حينئذ إنّما هي اتّصال سلسلة الإسناد إلى النبيّ تيمّناً وتبرّكاً ، وإلاّ فالحجّة تقوم بما في الكتب ، ويعرف القويّ منها والضعيف من كتب الجرح والتعديل . ولا يخفى أنّ هذا الوجه إنّما يقتضي الحاجة إلى السماع في العصر الأوّل دون العصر اللاحق لا ترجيحَ السماع في أحدهما ، والإجازةِ في الآخَر ، فما قوّاه في