السابع : تفويض أمر الخلق ، بمعنى أنّه أوجب طاعته عليهم في كلّ ما يأمر وينهى ، سواء علموا وجه الصحّة أم لا ، بل ولو كان بحسب نظرهم ظاهراً عدمَ الصحّة بل الواجب عليهم القبول على وجه التسليم . ( 1 ) أقول : وهذا المعنى هو الظاهر من الأخبار المثبتة للتفويض بعد ضمّ بعضها مع بعض ، وضمّ مفصِّلها بمجملها ، ومطلقها مع مقيّدها كما لا يخفى على الناظر . قال : " وبعد الإحاطة بما ذُكر هنا وما ذكر سابقاً عليه ، يظهر أنّ القدح بمجرّد رميهم إلى التفويض أيضاً لعلّه لا يخلو عن إشكال " . ( 2 ) أقول : المعنى المنساق إلى الأذهان من لفظ التفويض هو المعنى الأوّل والثاني ، وإطلاقه على ما عداهما نادر إلاّ على ما يقوله المعتزلة من أنّ العباد مستقلّون في أفعالهم فيقال لهم لذلك : المفوّضةُ في مقابل الجبريّة . ويظهر ذلك من جملة من الأخبار المطلقة الدالّة على أن لا جبر ولا تفويض ( 3 ) ، فإذن الظاهر من اللفظ الذمّ بأيّ من المعنيين كان ، فذلك الإشكال لا يخلو عن الإشكال . ولو بنينا على رفع اليد من الظواهر باحتمال أن يكون المراد من اللفظ بعضَ المعاني المحتملة المرجوحة ، لارتفع الأمان . ومنها : رميهم إلى الوقف . وليعلم أوّلاً : أنّ الواقف من وقف على الكاظم ( عليه السلام ) ، وربما يقال لهم : الممطورة ، أي الكلاب المبتلّة من المطر ، وكأنّهم اصطلحوا على ذلك بمناسبة كمال الاحتراز عنهم ككمال الاحتراز عن تلك الكلاب . وحكي أنّ بدء الواقفة أنّه كان اجتمع ثلاثون ألف دينار عند الأشاعثة زكاةُ أموالهم وغيرها ، فحملوها إلى وكيلين لموسى ( عليه السلام ) بالكوفة وكان ( عليه السلام ) في الحبس
1 . فوائد الوحيد البهبهاني : 40 . 2 . المصدر . 3 . انظر الكافي 1 : 159 و 160 .