مع أن طريقة مكالماته ومخاطباته ومحاوراته مع المكلفين بطريقة العرف واللغة - كما ذكرنا في الفوائد - ، وأهل العرف لا يفهمون ذلك ، كما أن اللغة أيضا لا تقتضي ذلك ، فكيف يكتفي في الايصال والابلاغ والبيان وإتمام الحجة عليهم بما ذكر ، مع أنه شئ لا يعرفه العلماء والبلغاء ، فكيف عامة المكلفين ؟ نعم ورد في غير واحد من الأخبار المعتبرة المفتي بمضمونها الحجة عند الأصحاب أنهم عليهم السلام قالوا : ( ابدأ بما بدأ الله ) [1] مشيرين إلى ما بدأ الله في القرآن ، وإن ورد ذلك في مواضع خاصة مثل : الوضوء والصفا والمروة [2] على ما هو ببالي ، أو غير ذلك . إلا أنه تحقق أن العبرة بعموم اللفظ ، لا خصوص المحل ، فيظهر من هذا أن القاعدة في الترتيب الذكري الذي هو في القرآن أن يترتب بحسب الحكم الشرعي ، ويؤيده أن في القرآن إشارات للأذكياء الحذاق ، فتأمل .
[1] الوسائل 1 : 316 ، الباب 34 من أبواب الوضوء الحديث 1 . جاء في ذيله ( ابدأ بما بدأ الله عز وجل به ) . [2] والآيتان هما قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم و أرجلكم إلى الكعبين ) المائدة : 6 وقوله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم ) البقرة : 158 .