وأما إذا دار بينه وبين التخصيص فالتخصيص راجح لنهاية شيوعه ، حتى قيل : ( ما من عام إلا وقد خص ) . وكذا إذا دار بينه وبين غير المجاز سوى الحقيقة . ثم اعلم أن المشتق إذا دار بين أن يكون مبدؤه متحققا أو لم يتحقق بعد - كالمثمر لما يثمر بعد - فالثاني مجاز اتفاقا ، فهو خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بالقرينة . وأما الأول : فإن كان حين وجود المبدأ فحقيقة اتفاقا ، وإن كان بعده ففيه مذاهب : فإذا دار بينهما ، فقيل : بتعين الأول وكون الثاني مجازا . وقيل : بعدم التفاوت بينهما أصلا لكون المشتق حقيقة عنده فيما تحقق مبدؤه أعم من أن يكون باقيا أو ذاهبا . ويحتج : بأن المؤمن مثلا يصدق على النائم والغافل حقيقة قطعا ، كما كان القائل بالمجازية يستدل بأن الكافر الذي أسلم ليس بكافر حقيقة ، وكذا العنب الحلو ليس بحامض ، والتمر ليس بأخضر ، إلى غير ذلك . وقيل : بتخصيص الدعوى بما إذا لم يطرأ على المحل ضد المبدأ - أي ما يعد ضدا له - ، كالايمان بالنسبة إلى الكفر ، والحلاوة بالنسبة إلى الحموضة ، وهكذا . وادعى اتفاق القائلين بالحقيقة على ذلك ، فلا يرد عليهم الايرادات ، إلا أن الكلام في ثبوت الدعوى على أن صدق المؤمن على النائم - مثلا - لعله من اصطلاح الشرع ، ولا مشاحة ، مع أنه يمكن أن يكون المبدأ في الخزانة ، وأنه يكفي . واستدل عليه أيضا : بأن الأصل في الاستعمال الحقيقة ، وعدم كونه مجازا .