أترجعون ؟ قالوا : نعم . قلت : أمّا قولكم : إنّه حكّم الرجال في دين الله فإنّ الله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ - إلى قوله : - يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْل مِنكُمْ ) ( 1 ) ، وقال في المرأة وزوجها : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا ) ( 2 ) أنشدكم الله أفيحكّم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحقّ أم في إرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا : اللهمّ في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهمّ نعم . قال : وأمّا قولكم : إنّه قاتل ولم يَسْبُ ولم يغنم ، أتسبون أُمّكم أم تستحلّون منها ما تستحلّون من غيرها ؟ فإن قلتم نعم فقد كفرتم ، وإن زعمتم أنّها ليست بأُمّكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام ؛ إنّ الله عزّ وجلّ يقول : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) فأنتم تتردّدون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهمّ نعم . وأمّا قولكم : محا نفسه من أمير المؤمنين فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دعا قريشاً يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ، فقال : اكتب : " هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله " فقالوا : والله لو كنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمّد بن عبد الله ، فقال : " والله إنّي لرسول الله وإن كذّبتموني ، اكتب يا عليّ : محمّد بن عبد الله " ، ورسول الله كان أفضل من عليّ ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهمّ نعم ، فرجع منهم عشرون ألفاً وبقي أربعة آلاف فقتلوا ( 3 ) . [ 72 ] عبد الله بن عمر بن الخطاب : قال أهل التاريخ : كان عبد الله بن عمر أكبر ولد عمر ، شهد الخندق مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) وهو ابن خمس عشرة سنة ، مات بمكّة ودفن بها ، هاجر مع أبيه وأُمّه إلى المدينة وهو ابن عشر سنين . قال أهل التاريخ : أصاب رجله زجّ رمح بمكّة فورمت رجلاه فتوفّي منها بمكّة سنة أربع ، وقيل : سنة ثلاث وسبعين ودفن بالمحصّب ، وقيل : بذي طوى ، وقيل : بشرف وهو ابن ستّ وثمانين سنة . [ 73 ] عبد الله بن عمرو بن العاص : يعدّ في أهل مكّة . قال أهل التاريخ : تحوّل من مكّة إلى طائف . روي أنّه كان يكتب ما يسمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) استأذنه في ذلك فأذن له . وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أي عبد الله بن عمرو ! " كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وعقودهم واختلفوا فكانوا هكذا ؟ " وشبّك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين أصابعه . قال : فما تأمرني يا رسول الله ؟ قال : " تأخذ ما تعرف ،
1 . المائدة ( 5 ) : 95 . 2 . النساء ( 4 ) : 35 . 3 . مناقب ابن شهرآشوب ، ج 1 ، ص 230 ؛ بحار الأنوار ، ج 33 ، ص 377 ؛ المصنّف للصنعاني ، ج 10 ، ص 158 ؛ المعجم الكبير ، ج 10 ، ص 257 و . . .