نام کتاب : أبو هريرة نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 196
علم الأول والآخر بحر علم لا ينزف ، وقال كعب الأحبار - كما في الاستيعاب وغيره - : سلمان حشي علما وحكمة إلى آخر ما هو مأثور عنه من أمثال هذه الخصائص ، وقد علم الناس ان أبا أيوب الأنصاري لم يكن له من العيش إلا بلغة لا تشغله عن علم ولا عن عمل ، وكذلك أبو سعيد الخدري وأبو فضالة الأنصاري وغيرهم من نظائرهم من علماء الأنصار وعظمائهم رضى الله تعالى عنهم . على أن سيد الحكماء وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله لم تكن أوقاته فوضى وإنما كانت في الليل والنهار مرتبة للمهمات على ما تقتضيه الحكمة في تلك الأوقات ، وقد خصص منها لالقاء العلم وقتا لا يعارض أوقات الصفق في الأسواق ولا أوقات العمل في الأموال ، وكان المهاجرون والأنصار لا يغيبون في ذلك الوقت ابدا وهم أحرص على العلم مما يخرفه المخرفون . ( الثاني ) : لو صح ما زعمه أبو هريرة ( من قول النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه : ان يبط أحد منكم ثوبه حتى أفضى مقالتي هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا ابدا ) لتسابقوا إليه ، واجتمعوا بقضهم وقضيضهم عليه ، فإنه الفضل لا يبلغه الطالب بشد الرحال ، والعلم لا يناله ببذل الأموال ، وما الذي ثبطهم عن نيله ؟ ومنعهم عن بسط أثوابهم في سبيله ؟ وكيف زهدوا في هذه الغنيمة وضيعوا على أنفسهم تلك الفوائد العظيمة ؟ أترى انهم كانوا بهذه المثابة من الزهد في العلم والرغبة عما يدعوهم الرسول إليه ؟ كلا ! ما هكذا الظن بهم ولا هذا بمشبه لما كانوا عليه من التعبد بأوامره ، والمبادرة إلى ما يدعوهم إليه . ( الثالث ) : لو صح ما زعمه أبو هريرة لعظم ندم الصحابة ، وأسفهم على ما ضيعوه من ذلك الفضل الكبير ، والعلم الغزير ، ولتواتر لهفهم على ما أهملوه من بسط أثوابهم لرسول الله حين انه لا كلفة فيه ولا مشقة عليهم ، ولندد بعضهم ببعض ، وتلاوموا على تركهم ذلك بسوء اختيارهم ولتواترت منهم
196
نام کتاب : أبو هريرة نویسنده : السيد شرف الدين جلد : 1 صفحه : 196