responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 4


الناس كل ما قال . وهذه - فيما نعلم - ظاهرة لم تحدث في تاريخ البشرية ، على امتداد أحقابها . . لم يحدث أبدا أن حفظ جيل كامل معاصر لرجل . . كل كلمة نطقت بها شفتاه . . سمعت منه . أو نقلت عنه . ثم كان الحفاظ عليها صنو الحفاظ على الحياة . إيثارا وحبا وتأثرا وحنينا . على أن من حفظ . إنما كان يشبع حاجة النفس العطشى . وينشد راحتها ، غير قاصد بما يسمع ، أنه يسمع لينقل لغيره أو للأجيال عبر التاريخ . ولا هو عامد إلى ذلك . إنما كان يسمع ليروى غلة صادية ، وفطرة مشتاقة . وهو في أعماقه عاجز عن التقليد ، عاجز عن الاعراض ، حتى لو أراد . فكيف بحاله وهو المقبل المتلهف على الحكمة البالغة . والعبارة الآسرة . والمعنى الجليل .
كذلك كان أصحابه عليه السلام . يحفظون عنه فيما يحفظون كلامه العادي .
على حين أنه مجرد أداء لمتطلبات حياته المباركة في حله وترحاله ، في حربه وسلمه ، في مأكله ومشربه ، في غضبه ورضاه ، في سروره وحزنه .
وأفضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه الكريم . راضيا مرضيا .
وكلامه محفوظ غير مكتوب . وكأنه عليه السلام أبى أن يترك بعد موته مع كتاب الله كتابا . اللهم إلا شيئا لا يدخل في حكم التدوين . وهو اتجاه صرح به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيام خلافته حين اقترح بعضهم كتابة حديثه رسول الله . فأبى ذلك ولم يرتضه .
ومضى خير القرون - ولم يدون الحديث ولا وضع فيه كتاب . لكن كانت - خلال ذلك - أطلت الفتن برؤوسها . فطوت في أعاصيرها الهوجاء - حيوات غاليات ، قتل عمر الفاروق الملهم ، وعثمان الحيي الكريم ، وعلى القوى الحكيم . وطلحة الصالح المبشر ، والزبير الحوارى الشهيد . وسواهم وسواهم كثير . ثم قتل ممن بعدهم الحسين بن علي ومعه أمة من الصالحين . ووراء كل

4

نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست