ثانيا - مبحث في الرواية والرواة بقلم : فضيلة الشيخ خليل الميس مفتي البقاع ومدير أزهر لبنان ان الله تعالى ابتعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ، وأنزل عليه القرآن الكريم تبيانا لكل شئ ، قال سبحانه في محكم التنزيل ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم ) النحل 44 وقال سبحانه ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ) النحل 64 . 1 - فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله عز وجل أمره ، وعن كتاب الله معاني ما خوطب به الناس ، وما أراد الله عز وجل به وعني فيه ، ولم يزل على ذلك حتى توفاه الله عز وجل . 2 - والسبيل لمعرفة معاني كتاب الله تعالى يكون بالآثار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه النجباء الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل رضي الله عنهم . هذا ، وإنما تعرف الآثار الصحيحة منها والسقيمة ينقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة ، ورزقهم هذه المعرفة ، وشهد لهم أهل العلم بذلك . هذا ولا سبيل إلى معرفة شئ من معاني كتاب الله ولا من سنن رسوله عليه الصلاة والسلام إلا من جهة النقل ، ولذا وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم ، وأهل الحفظ والثبت والاتقان منهم - وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة . ولما كان الدين هو ما جاءنا عن الله عز وجل ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة ، حق علينا معرفتهم ، ووجب الفحص عن الناقلة ولبحث عن أحوالهم ، لاثبات الذين عرفوا بشرائط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته ، وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة ، وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم ، وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ ، وكثرة الغلط والسهو والاشتباه ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه ، وأمناء الله تعالى في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيتمسك بالذي رووه ويعتمد عليه ، ويحكم به .