بسم الله الرحمن الرحيم كلمة الناشر ابن عدي وكتابه الكامل لا بد قبل البدء بترجمة علم من الأعلام ، ولتكون دراسته مستقصية ما يحتاجه المطلع ، من الوقوف ولو قليلا ، على عصره وبيئته والمؤثرات التي أحاطت به وأثرت عليه ، كما لا بد من خلاصة ولو مختصرة للعلم الذي نبغ فيه ، أو الفن الذي عمل وأكب عليه . ومن هذا المنطلق نقف أمام عصر ابن عدي وبيئته أولا ، ثم ننتقل إلى العلم الذي كان مجاله ، لنصل فيما بعد إلى حياة أبي أحمد ومؤلفاته ، ونخص بالتوسيع منها كتابه الكامل : أولا - عصره وبيئته 1 - الحالة السياسية : عاش ابن عدي في القرنين الثالث والرابع للهجرة ، إذ ولد سنة 277 ه وتوفي سنة 365 ه ، وفي هذه الفترة كانت الدولة العباسية قد بدأت بالانهيار والانحلال ، ونشأت على قطع من أرضها دويلات كان قادتها يجدون من القوة ما يجعلهم يستهترون بأمر الخليفة والخلافة ، وإن كانوا في أغلب الأحيان يبقون للخليفة العباسي الدعاء على منابر دويلاتهم أيام الجمعة والأعياد . ولا غرابة إذا قلنا بان الخليفة قد أضحى في كثير من الأحيان صورة لا أكثر ولا أقل ، يمكن عزله بسهولة وتولية آخر بيسر . ومن هذه الدويلات : 1 - الدولة الصفارية ، ومؤسسها يعقوب بن الليث ، ب - الدولة السامانية ، ومؤسسها إسماعيل بن أحمد الساماني ، وتفرع عنها : ج - الدولة الغزنوية ، التي نبغ فيها السلطان محمود الغزنوي ، صاحب فتوح الهند ، د - دولة بني بويه : في فارس وهمذان وأصبهان ، ه - دولة بني حمدان ، بالموصل وحلب .