وعنى بهذا الفن ، وطلب العلم في صباه ، فتفقه في المذهب . وقرأ الأدب . وكان أديبًا ، فاضلاً فصيحًا ، مليح العبارة ، بليغًا ، حسن التصنيف ، ذكر ذلك ابن النجار وغيره . وقال أبو المظفر سبط بن الجوزي : أحد الفضلاء المعروفين بجمع الحديث ، والطب ، والنجوم ، وعلوم الأوائل ، وأيام الناس . وصنف كتابًا سماه " ديوان الإسلام ، في تاريخ دار السلام " قسمه ثلاثمائة وستين كتابًا ، إلا أنه لم يشتهر ، وصنف سيرة الوزير ابن هبيرة . وقال ابن النجار : كان قد قرأ كثيرًا من علم الطب ، والمنطق والفلسفة . وكانت بينه وبين عبيد اللّه بن يونس صداقة ومصاحبة ، فلما أفضت إليه الوزارة اختص به ، وقوي جاهه ، وبنى دارًا بدرب الشاكرية ، وسماها : دار العلم ، وجعل فيها خزانة كتب ، ووقفها على طلاب العلم . وكانت له حلقة بجامع القصر ، يقرأ فيها الحديث يوم الجمعة ، ويحضر عنده الناس ، فيسمعون منه ، ورتب ناظرًا على أوقاف المارستان العضدي ، فلم تحمد سيرته ، فقبض عليه وسجن في المارستان مدة مع المجانين مسلسلاً ، وبيعت دار العلم بما فيها من الكتب مع سائر أمواله وقبضت ، وبقي معتقلاً مدة ، ثم أطلق ، فصار يطب الناس ، ويدور على المرضى في منازلهم ، وصادف قبولاً في ذلك ، فأثرى ، وعاد إلى حالة حسنة ، وحصل كتبًا كثيرة ، ثم إنه انتدب للتوجه في رسالة من الديوان ، فخلع عليه خلعة سوداء : قميص وعمامة ، وطرحة ، وأعطى سيفًا وأركب مركوبًا جميلاً ، وتوجه إلى تفليس في صفر سنة تسع وتسعين إلى الأمير أبي بكَر بن إيلد كزين البهلوان ، زعيم تلك البلاد ، فأدركه أجله هناك . قلت : القبض عليه إنما كان بعد عزل ابن يونس والقبض عليه ، وتتبع أصحابه ، وفي تلك الفتنة كانت محنة ابن الجوزي أيضًا كما تقدم . وبالغ ابن النجار في الحط عليه بسبب ادعائه النسب إلى أبي بكر الصديق ، وبسبب أنه روى عن