ثم وجدت لأبي عمرو بن مرزوق مصنفات في أصول الدين ، ورأيته يقول : إن الإيمان غير مخلوق ، أقواله وأفعاله ، وإن حركات العباد مخلوقة ، لكن القديم يظهر فيها كظهور الكلام في ألفاظ العباد . وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى : وثمَّ جماعات منتسبون إلى الشيخ أبي عمرو بن مرزوق ، ويقولون أشياء مخالفة لما كان الشيخ أبو عمرو عليه ، وهذا الشيخ كان ينتسب إلى مذهب الإمام أحمد ، وكان من أصحاب الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ أبي الفرج ، وهؤلاء ينتسبون إلى مذهب الشافعي ، ويقولون أقوالاً مخالفة لمذهب الشافعي وأحمد ، بل ولسائر أئمة المسلمين ، ولشيخهم الشيخ أبي عمرو . وهذا الشيخ أبو عمرو : شيخ من شيوخ أهل العلم والدين ، وله أسوة أمثاله ، وإذا قال قولاً قد علم أن قول أحمد والشافعي بخلافه ، وجب تقديم قول الشافعي وأحمد على قوله ، مع دلالة الكتاب والسنة على قول الأئمة ، فكيف إذا كان القول مخالفًا لقوله ، ولقول الأئمة ، وللكتاب والسنة ؟ وذلك مثل قولهم : لا نقطع ، ولا نقول قطعًا ، ويقولون : نشهد أن محمدًا رسول الله ، ولا نقطع ونقول : السماء فوقنا ، والأرض تحتنا ، ولا نقطع بذلك ، ويروون في ذلك أثرًا عن علي ، أو حديثًا مرفوعًا ، وهو من الكذب المفترى . قال : وأصل شبههم : أن السلف كانوا يستثنون في الإيمان ، فيقول أحدهم : أنا مؤمن إن شاء اللّه تعالى ، وعلى ذلك كان أهل الثغر - عسقلان ، وما يقرب منها - فإنه كان قد سكنها محمد بن يوسف الفريابي ، وكان يأمر بذلك ، وكان شديدًا على المرجئة ، وعامة هؤلاء القوم جيران عسقلان ، ثم صار كثير منهم يستثنى في الأعمال الصالحة ، فيقول : صليت إن شاء الله ، وهو يخاف أن لا يكون أتى بالصلاة كما أمر ، ولا تقبلت منه ، فيستثنى خوفًا من ذلك . وصنف في ذلك بعض أهل الثغر مصنفًا ، وشيخهم أبو عمرو بن مرزوق ،