قال : وسمعته يقول : احذروا مصارع العقول ، عند التهاب الشهوات . قال : وسمعته يقول : العجب ممن يخاصم الأقدار ولا يخاصم نفسه ، فيقول : قضى عليّ ، وعاقبني ! ويحك ، قل لنا كيف تحب أن يكون الأمر ؟ أتختار أن تخلق أعمى لا تنظر إلى المستحسن . قال : لا . قلنا : أفتحب أن تخلق معدوم الحس ؟ قال : لا . قلنا : أتختار أن ترد عن المعاصي قهرًا . قال : لا . قلنا : أفتؤثر أن تطلق فيها من غير حجر ؟ فلا تغضب إذًا إن أطلق غيرك في أخواتك وبناتك . فأما أن تغضب لذلك الفعل من غيرك في حرمك ، وتختار أن تفعله في حُرم غيرك فهذا في غاية الجور . فإذا جعل لك الطريق إلى مرادك بكلمة هي عقد النكاح ، أو عوضت عما منعت عنه من جنسه ووعدت الأجر على الصبر فهذا غاية العدل . فإن زللت في معصية فقد جعل لك طريق النجاة بالتوبة . قال : مصنف سيرة الوزير : سمعته يقول : قفلت في صحبة أمير المؤمنين المقتفي من الكوفة بعد وداع الحاج ، فشاهدنا في الطريق بردًا كبارًا قد وقع أمامنا - وكان الجماعة يأكلون منه - فلم أستطبه على الريق فلما نزلنا الخيام وأمسينا وحضر العشاء وأكلنا الطعام ذكرت ذلك البرد ووددت أن لو كان الآن منه شيء وأظن أني دعوت الله عز وجل أن يأتينا منه شيء ، فما كان إلا لحظة والسحاب هملى ، وإذا البرد فيه كثير . وشرع الغلمان وجمعوا منه شيئاً كثيرًا ، وجاءوا به ، فأكلت منه حتى تركته ، وحمدت الله عز وجل على إجابة الدعاء ، وإعطائه لما خطر في النفس . قال : وسمعته يقول : كنت جالسًا في سطحٍ أصُلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعيناي مغمضتان ، فرأيت كاتبًا يكتب في قرطاس أبيض بمداد أسود ، ما أذكره ، وكلما قلت : اللهم صلِ على محمد ، كتب الكاتب : اللهم صل على محمد ، فقلت لنفسي : افتح عينك وانظر بها ، ففتحت عيني ، فخطف عن يميني حتى نظرت بياض ثوبه ، وهو شديد البياض فيه صقالة .