ذكر صاحب سيرته هذه الحكاية مبسوطة . قال : فعاد الخادم وعلى يده دست من ثياب الخليفة فأفاضه عليّ ، وقال : قد أخبرت أمير المؤمنين بامتناعك ، فقال : والله لقد حسبت هذا ، وأنه لا يفعل . قال : فقلت حينئذ لنفسي : يا يحيى كيف رأيت طاعة اللّه تعالى ؟ لو كنت قد لبستها كيف كنت تكون في نفس أمير المؤمنين . وكيف كانت تكون منزلتك عنده ؟ . قال صاحب سيرته : وكان لا يلبس ثوبًا يزيد فيه الإبريسم على القطن ، فإن شك في ذلك سلّ من طاقاته ونظر : هل القطن أكثر أم الإبريسم . فإن استويا لم يلبسه . قال : ولقد ذكر يومًا في بعض مجالسه ، فقال : له بعض الفقهاء الحنابلة : يا مولانا ، إذا استويا جاز لبسه في أحد الوجهين عن أصحابنا ، فقال : إني لا آخذ إلا بالأحوط . قال : وذكر يومًا بين يديه : أنه كان للصاحب ابن عباد دست من ديباج فقال الوزير : قبح والله بالصاحب أن يكون له دست من ديباج فإنه وإن كان زينة فهو معصية وهجنة . قال ابن الجوزي : ونقله عنه ابن القطيعي سمعت ابن هبيرة الوزير يقول : جاءني مكتوب مختوم من المستنجد في حياة أبيه المقتفي ، فقلت للرسول : ارجع إليه وقل له : إن كان فيه ما تكره أن يعلم به أمير المؤمنين فلا حاجة لك في فتحه فإني أعرّفه ما فيه ، وإن لم تكن تكره اطلاعه عليه فافتحه ، ثم أعطه الرسول ، فمضى ولم يعد ، وحصل في نفسه من ذلك شيء . فلما توفي المقتفي وولي المستنجد أمر بحضوره للمبايعة . قال ابن الجوزي : فقال لي الوزير حين جاءه الرسول : إن وصلت إلى أمير المؤمنين نلت ما أريد ، وإن قتلت قبل وصولي إليه فما لي حيلة . فما كان إلا ساعة دخوله عليه حتى عاد فرحًا ، فقلت له : ما الخبر . قال : وصلت إليه وبايعته ، ثم