سمع من القاضي أبي يعلى ، وأبي منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العَطار وغيرهما . وصَحِب الشريف أبا جعفر . وكان مشهورًا بالزهدِ والورع والتقشف وحسن الطريقة ، للخلق فيه اعتقاد عظيم . وذكر ابن ناصر : أنه كان أزهد الناس في عصره . وكان يقرأ يوم الجمعة على الناس أحاديث قد جمعها بغير أسانيد . قال ابن الجوزي : حدثني أبو حكيم النهرواني قال : كان ابن الفاعُوس إذا صلى الجمعة جلس يقرأ على أصحابه الحديث ، فيأتي ساقي الماء ، فيأخذ منه فيشرب ليريهم أنه مفطر ، وربما صامها في بعض الأيام . وكان ابن الفاعوس يتورع عن الرواية . وحدَّث وسمع منه أبو المعمر الأنصاري ، وأبو القاسم بن عساكر الحافظ . وقال : كان أبو القاسم بن السمرقندي يقول : إن أبا بكر بن الخاضبة كان يسمى ابن الفاعوس الحجري لأنه كان يقول : الحجر الأسود يمين اللّه حقيقة . قلتُ : إنْ صحَّ عن ابن الفاعوس أنه كان يقول : الحجر الأسود يمين الله حقيقة فأصل ذلك : أن طائفة من أصحابنا وغيرهم نَفَوْا وُقوع المجاز في القرآن ، ولكن لا يعلم منهم من نفى المجاز في اللغة ، كقول أبي إسحاق الإسفرايني . ولكن قد يسمع بعض صالحيهم إنكار المجاز في القران ، فيعتقدُ إنكارهُ مطلقًا . ويؤيد ذلك : أن المتبادر إلى فهم كثر الناس من لفظ الحقيقة والمجاز : المعاني والحقائق دون الألفاظ . فإذا قيل : إنَّ هذا مجاز فهموا أنه ليس تحته معنى ، ولا له حقيقة ، فينكرون ذلك ، وينفرون منه . ومن أنكر المجاز من العلماء فقد ينكر إطلاق اسم المجازة لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد ، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتهما . ويقول : غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة ونحوهم من أهل البدع ،