ويغلب على الظن أنه لم يلقاه ، إذ إن مقام الباجي ببغداد كان ما بين ( 430 ه ) ( 435 ) تقريبا ، وابن مأكولا المولود سنة إحدى وعشرين وأربعمائة على أرجح الأقوال كان من المترفين باعتباره ابنا للوزير وابن أخ القاضي ، وكان الشيوخ يعلمونه بدار أبيه أو عمه ، ولم يرحل إلى الأندلس ولو كان من شيوخه لذكره بعض من ترجم لهما ، وحظي الباجي ببعض الإعانات من أسرة ابن مأكولا ، وما احتاج إلى حراسة الدروب ببغداد . الباجي والاصلاح السياسي بالأندلس 1 ) - لما عاد أبو الوليد من المشرق إلى وطنه وجد ملوك الطوائف شيعا مختلفه متفرقة يهاجم بعضهم بعضا كما تركهم قبل سفره ، والعدو يتربص بهم الدوائر ، فصمم العزم على توحيد كلمتهم ولم شعثهم للخروج ببلده من المآزق الذي تتخبط فيه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا . ( ومشى بين ملوك أهل الجزيرة بصلة ما أنبث من تلك الأسباب ، فقام مقام مؤمن آل فرعون لو صادف أسماعا واعية ، بل نفخ في عظام نخرة ، وعكف على اطلاق داثرة ، بيد أنه كلما وفد على ملك منهم في ظاهر أمره لقيه بالترحيب وأجزل حظه بالتانيس والتقريب ، وهو في الباطن يستجهل نزعته ، ويستثقل طلعته : وما كان أفطن الفقيه - رحمه الله - بأمورهم ! واعلمه بتدبيرهم ، لكنه كان يرجو حالا تؤوب ، ومذنبا يتوب ) 2 ) - فلما يئس من الرجوع ببلده إلى سابق عهدها من جمع الكلمة على رجل واحد يستقل بالخلافة ويستعيد ما ضاع من الثغور والواحدة السياسية ، اتخذ أسلوبا جديدا للتقريب بين الامراء ليكونوا سدا منيعا وحصنا حصينا ضد عدوهم المشترك ، فواصل مساعيه الحميدة بنشر العلم بين الطلاب في مختلف مدن