عودته إلى الأندلس : لم نعرف شيئا عما كان يتمول به قبل رحلته إلى المشرق ، غير أنه وصف أباه باتساع دنياه . اما أثناء الرحلة فكان بمكة يعيش ضمن أسرة أبي ذر ، وببغداد أصبحت حاله المادية عسيرة ، الامر الذي جعله يستأجر نفسه مدة مقامه بها لحراسة درب ليلا يستعين بضوئه على مطالعته وبأجرته على نفقاته اليومية ، وربما يوفر من كسبه ليتزود به خلال سفره الطويل ، وكان ذلك مما افتخر به لي ابن حزم أثناء المناظرة . ولما نزل الموصل أحتفي به قاضيها أبو جعفر السمناني لذكائه وفطنته ودقة تحصيله ، ولم يكن حاله بحلب أقل منه بالموصل ، حيث عرف قدره أميرها معز الدولة ، واستقر بها أزيد من عام معززا مكرما ، يفتي على مذهب مالك رحمه الله ، فاعتبر ذلك غير واحد ، ولاية للقضاء فقال : ( واستقضى في طريقة بحلب فأقام بها نحوا من عام ) فقابل نعمة السمناني ومعز الدولة بالثناء عليهما ومدحهما بشعره ، وهذا بعض ما قاله في السمناني : هذا الشهاب المستضاء بنوره * علم الهدى هذا الامام الأوحد كما مدح أمير حلب بقصائد نجتزئ منها بالبيتين التاليين : حويت معز الدولة الملك فاغتدى * بذكرك في الآفاق ملك وسلطان فللمجد ملك قد أجيد نظامه * وأنت لذاك السر در ومرجان