نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 86
من جنوده لا يطمع نفسه في اغتصاب أحد من الرعية مقدار حبة فما فوقها ، وإنه إذا نزل المنزل دعا بكتاب كليلة ودمنة ، فلا يزال منكبا عليه طول نهاره . فقال كسرى لخاليه بندوية وبسطام : ( ما خفت بهرام قط كخوفي منه الساعة ، حين أخبرت بإدمانه النظر في كتاب كليلة ودمنة ، لأن كتاب كليلة ودمنة يفتح للمرء رأيا أفضل من رأيه ، وحزما أكثر من حزمه ، لما فيه من الآداب والفطن . وأن كسرى وبهرام توقفا بالنهروان ، فعسكر كل منهما بأصحابه في ناحية ، وخندق على نفسه ، ثم إن بهرام عقد جسرا ، وعبر إلى كسرى ، فلما تواقف الجمعان بدر بهرام حتى دنا من صفوف كسرى ، ثم صاح بأعلى صوته ( تبا لكم يا معشر العجم ، في خلعكم ملككم ، أيها الناس : توبوا إلى ربكم مما فعلتم ، وانحازوا إلي بجماعتكم حتى نرد السلطان على ملككم قبل أن ينزل الله نقمته عليكم ) . فلما سمع أصحاب كسرى ذلك قال بعضهم لبعض ( قد والله صدق بهرام ، وأن الأمر لعلى ما قال ، فهلموا بنا نتلاف أمرنا ، ونصلح ما كان منا بإجابة بهرام إلى ما رأى ) . وانحازوا جميعا ، فانضموا إلى بهرام ، ولم يبق مع كسرى إلا خالاه ، بندوية وبسطام ، وهرمزد جرابزين ، والنخارجان ، وسابور بن أبركان ، ويزدك كاتب الجند ، وباد بن فيروز ، وشروين بن كامجار ، وكردي بن بهرام جشنس أخو بهرام شوبين لأبيه وأمه ، وكان من ثقات كسرى وأحبائه . فقال [1] هؤلاء لكسرى : ( أيها الملك ، ما تفعل ؟ ألا ترى إلى جميع الناس قد فارقوك ، وانحازوا إلى عدوك ) . فمضى نحو المدائن حتى إذا انتهى إلى قنطرة ( جوذرز ) التفت وراءه ، فإذا هو ببهرام وحده ، قد ترك الناس خلفه حتى