نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 77
واعلموا أيها الناس ، أنا فارقون بين سوطنا وسيفنا ، ومستعملوهما بتثبت وحسن روية ، فمن غمط نعمتنا وخالف أمرنا ، وحاول ما نهيناه عنه ، فإنا لا نكاد نصلح رعايانا ، ونضبط أمورنا إلا بتنكيل من خالف أمرنا ، وتعدى سيرتنا ، وسعى في فساد سلطاننا ، ولا يطمعن أحد في رخصة منا ، ولا يرجون هوادة عندنا ، فإنا غير مداهنين في حق الله الذي قلدنا ، فوطنوا أنفسكم على إحدى خلتين : إما استقامة بما تصلحون ، وإما مخافة على ما تتلفون ، فإن الصلاح حجتان معتدان لكم عندنا من تدبير ملكنا ، وضبطنا سلطاننا ، فلا تستصغروا وعيدنا ، وتهددنا ، ولا تحسبوا أن فعلنا يقصر عن قولنا ، وإنما أحببنا أن نعلمكم رأينا في اجتناب الرخص والمحاباة ، وحرصنا على الاعتذار قبل الإيقاع ، والأخذ بقصد السيرة والعدل في الرعية ، واختيار طاعتكم التي بها تكون ألفتكم واستقامتكم ، فثقوا بما بدأنا به من وعد ، وخافوا ما أظهرنا من وعيد ، ونحن نسأل الله أن يعصمكم من استدراج الشيطان وضلاله ، وأن يسددكم لما يقرب من طاعته ، وبلوغ مرضاته ، والسلام عليكم ) فلما سمع الناس ذلك تباشر به الضعفاء وأهل الضعة ، وفت ذلك في أعضاد العلية وساءهم ، فتنكبوا ما كانوا فيه من الاستطالة على الضعفاء ، والقهر لأهل الضعة ، وكان هرمزد ملكا متحريا لحسن السيرة ، مثابرا على استصلاح الرعية ، رحيما بالضعفاء ، شديدا على الأقوياء ، وبلغ من عدله وتحريه الحق أنه كان يسير في كل عام إلى أرض الماهين [1] فيصيف بها ، وكان يأمر عند مسيرة إليها مناديه ، فينادي في عسكره أن يتحاموا الإضرار بالدهاقين [2] ، ويوكل بتعهد ذلك ومعاقبة من تعدى أمره فيه رجلا من ثقاته .
[1] الماهان : الدينور ونهاوند ، إحداهما ماه الكوفة ، والأخرى ماه البصرة . [2] الدهاقين جمع دهقان وهو المزارع أو الفلاح .
77
نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 77