نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 72
الآفة على قدر ما أصاب منها ، ووكل بكل ذلك قوما ثقاتا ، ذوي عدالة ، ينفذونه ، ويحملون الناس منه على النصفة . ولم يكن في ملوك العجم ملك كان أجمع لفنون الأدب والحكم ، ولا أطلب للعلم منه ، وكان يقرب أهل الآداب والحكمة ، ويعرف لهم فضلهم ، وكان أكبر علماء عصره بزرجمهر بن البختكان ، وكان من حكماء العجم وعقلائهم ، وكان كسرى يفضله على وزرائه وعلماء دهره . وكان كسرى ولى رجلا من الكتاب نبيها معروفا بالعقل والكفاية ، يقال له بابك بن النهروان ، ديوان الجند ، فقال لكسرى : ( أيها الملك ، إنك قد قلدتني أمرا ، من صلاحه أن تحتمل لي بعض الغلظة في الأمور : عرض الجنود في كل أربعة أشهر ، وأخذ كل طبقة بكمال آلاتها ، ومحاسبة المؤدبين على ما يأخذون على تأديب الرجال بالفروسية والرمي ، والنظر في مبالغتهم في ذلك وتقصيرهم ، فإن ذلك ذريعة إلى إجراء السياسة مجاريها . فقال كسرى : ما المجاب بما قال بأحظى من المجيب ، لاشتراكهما في فضله ، وانفراد المجيب بعد بالراحة ، فحقق مقالتك ، وأمر ، فبنيت له في موضع العرض مصطبة [1] ، وبسط له عليها الفرش الفاخرة ، ثم جلس ، ونادى مناديه : لا يبقين أحد من المقاتلة إلا حضر العرض ، فاجتمعوا ، ولم ير كسرى فيهم ، فأمرهم ، فانصرفوا . وفعل ذلك في اليوم الثاني ، ولم ير كسرى فانصرفوا ، فنادى في اليوم الثالث : أيها الناس ، لا يتخلفن من المقاتلة أحد ، ولا من أكرم بالتاج والسرير ، فإنه عرض لا رخصة فيه ولا محاباة . وبلغ كسرى ذلك ، فتسلح سلاحه ، ثم ركب فاعترض على بابك ، وكان