نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 31
فلما سمع الإسكندر ذلك غضب غضبا شديدا ، وهم به ، ثم أمر بحبسه ليجعله عظة لأهل مملكته . ثم إن الإسكندر راجع نفسه ، وتدبر كلامه لما أراد الله به من الخير ، فوقع منه في نفسه ما غير قلبه ، فبعث إليه على خلاء ، فأصغى إليه ، واستمع لموعظته وأمثاله وعبره ، وعلم أن ما قال هو الحق ، وأن ما خلا الله من معبود باطل ، فارعوى واستجاب للحق ، وصح يقينه ، فقال لذلك العابد : فإني أسألك أن تلزمني ، لأقتبس من علمك ، وأستضئ بنور معرفتك . فقال له : إن كنت تريد ذلك فاحسم اتباعك من الغشم والظلم وارتكاب المحارم . فتقدم الإسكندر بذلك ، وأوعد فيه ، وجمع أهل مملكته ورؤساء جنوده ، فقال لهم : اعلموا أنا إنما كنا نعبد إلى هذا اليوم أصناما ، لم تكن تنفعنا ولا تضرنا . وإني آمركم ، فلا تردوا على أمري ، وأرضى لكم ما أرضاه لنفسي ، من عبادة الله وحده لا شريك له ، وخلع ما كنا نعبده من دونه ، فقالوا بأجمعهم : قد قبلنا قولك ، وعلمنا أن ما قلت الحق ، وآمنا بإلهك وإلهنا . فلما صحت له نيات خاصته ، واستقامت له طريقتهم ، وطابقوه على الحق أمر أن يعلن للعامة ، أنا قد أمرنا بالأصنام التي كنتم تعبدونها أن تكسر ، فإن ظننتم أنها تنفعكم أو تضركم فلتدفع عن أنفسها ما يحل بها ، واعلموا أنه ليس لأحد عندي هوادة في مخالفة أمري ، وعبادة غير إلهي ، وهو الإله الذي خلقنا جميعا . ثم أمر بتفريق الكتب بذلك في شرق الأرض ، وغربها ، ليعامل الناس على قدر القبول والآباء ، فمضت رسله بكتبه بذلك إلى ملوك الأرض . فلما انتهى كتابه إلى دارا بن دارا غضب من ذلك غضبا شديدا ، وكتب إليه : ( من دارا بن دارا المضئ لأهل مملكته كالشمس إلى الإسكندر بن الفيلفوس ، أنه قد كان بيننا وبين الفيلفوس عهد ومهادنة على ضريبة ، لم يزل يؤديها إلينا أيام حياته ، فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعلمن ما بطأت بها ، فأذيقك وبال أمرك ، ثم لا أقبل عذرك ، والسلام ) .
31
نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 31