نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 228
ودخل الحسين على الوليد ، وعنده مروان ، فجلس إلى جانب الوليد ، فأقرأه الوليد الكتاب ، فقال الحسين : ( إن مثلي لا يعطي بيعته سرا ، وأنا طوع يديك ، فإذا جمعت الناس لذلك حضرت ، وكنت واحدا منهم ) . وكان الوليد رجلا يحب العافية ، فقال للحسين : ( فانصرف إذن حتى تأتينا مع الناس ) ، فانصرف . فقال مروان للوليد : ( عصيتني ، ووالله لا يمكنك من مثله أبدا ) . قال الوليد : ( ويحك ، أتشير علي بقتل الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهما السلام ؟ والله إن الذي يحاسب بدم الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان عند الله ) . وتحرز ابن الزبير في منزله ، وراوغ الوليد حتى إذا جن عليه الليل سار نحو مكة ، وتنكب الطريق الأعظم فأخذ على طريق الفرع . ولما أصبح الوليد بلغه خبره ، فوجه في أثره حبيب بن كوين في ثلاثين فارسا ، فلم يقعوا له على أثر ، وشغلوا يومهم ذلك كله بطلب ابن الزبير . فلما أمسوا ، وأظلم الليل مضى الحسين رضي الله عنه أيضا نحو مكة ، ومعه أختاه : أم كلثوم ، وزينب وولد أخيه ، وإخوته أبو بكر ، وجعفر ، والعباس ، وعامة من كان بالمدينة من أهل بيته إلا أخاه محمد بن الحنفية ، فإنه أقام . وأما عبد الله بن عباس فقد كان خرج قبل ذلك بأيام إلى مكة . وجعل الحسين رضي الله عنه يطوي المنازل ، فاستقبله عبد الله بن مطيع ، وهو منصرف من مكة يريد المدينة ، فقال له : ( أين تريد ؟ ) . قال الحسين : ( أما الآن فمكة ) . قال ( خار [1] الله لك ، غير أني أحب أن أشير عليك برأي ) . قال الحسين ( وما هو ؟ ) . قال : إذا أتيت مكة فأردت الخروج منها إلى بلد من البلدان ، فإياك والكوفة ، فإنها بلدة مشؤومة ، بها قتل أبوك ، وبها خذل أخوك ، واغتيل بطعنة كادت