نام کتاب : الأخبار الطوال نویسنده : ابن قتيبة الدينوري جلد : 1 صفحه : 201
فقال عمرو : ( ما كنت أتقدمك وأنت أفضل مني فضلا ، وأقدم هجرة وسنا ) . فبدأ أبو موسى ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( أيها الناس ، إنا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها ، فلم نر شيئا هو أبلغ في ذلك من خلع هذين الرجلين ، علي ومعاوية ، وتصييرها شورى ليختار الناس لأنفسهم من رأوه لها أهلا ، وإني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم ، وولوا عليكم من أحببتم ) ثم نزل . وصعد عمرو ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ( إن هذا قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا وإني قد خلعت صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية ، فإنه ولي أمير المؤمنين عثمان ، والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه ) . فقال له أبو موسى : ( مالك ، لا وفقك الله ، غدرت وفجرت ، وإنما مثلك مثل الكلب ، إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) . فقال له عمرو : ( ومثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ) . * * * وحمل شريح بن هانئ على عمرو فقنعه [1] بالسوط ، وحجز الناس بينهما ، وكان شريح يقول : ( ما ندمت على شئ قط كندامتي ألا أكون ضربته مكان السوط بالسيف ، أتى الدهر في ذلك بما أتى ) . وانسل أبو موسى ، فركب راحلته ، وهرب ، حتى لحق بمكة ، فكان ابن عباس يقول : ( لحي الله أبا موسى ، لقد نبهته فما انتبه ، وحذرته بما صار إليه فما انحاش [2] . وكان أبو موسى يقول : ( لقد حذرني ابن عباس غدر عمرو ، فاطمأننت إليه ، ولم أظن أنه يؤثر شيئا على نصيحة المسلمين ) .