وكان وزيره مؤيد الدين بن العلقمي يعرف حقيقة الحال في ذلك ويكاتبه بالتحذير والتنبيه ، ويشير عليه بالتيقظ والاحتياط والاستعداد وهو لا يزداد إلا غفولاً ، وكان خواصه يوهمونه أنه ليس في هذا كبير خطر ولا هناك محذور ! وأن الوزير إنما يعظم هذا لينفق سوقه ، ولتبرز إليه الأموال ليجند بها العساكر ، فيقتطع منها لنفسه ! وما زالت غفلة الخليفة تنمو ويقظة الجانب الآخر تتضاعف حتى وصل العسكر السلطاني إلى همذان وأقام بها مدة مديدة . ثم تواترت الرسل السلطانية إلى الديوان المستعصمي فوقع التعيين من ديوان الخليفة على ولد أستاذ الدار وهو شرف الدين عبد الله بن الجوزي ، فبعثه رسولاً إلى خدمة الدركاه السلطانية بهمذان ، فلما وصل وسمع جوابه علم ( هولاكو ) أنه جواب مغالطة ومدافعة فحينئذ وقع الشروع في قصد بغداد وبث العساكر إليها فتوجه عسكر كثيف من المغول والمقدم عليهم باجو إلى تكريت ، ليعبروا من هناك إلى الجانب الغربي ويقصدوا بغداد من غربيها ، ويقصدها العسكر السلطاني من شرقيها ، فلما عبر عسكر باجو ( قائد مغولي ) من تكريت وانحدر إلى أعمال بغداد أجفل الناس من دجيل والإسحاقي ونهر ملك ونهر عيسى ، ودخلوا إلى المدينة بنسائهم وأولادهم ، حتى كان الرجل أو المرأة يقذف بنفسه في الماء ، وكان الملاح إذا عبر أحداً في سفينة