نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 718
الفلسفة حسن الدراية لها متقنا لغوامضها وكان يدرس صناعة الطب وينظم متوسطا وربما ضمنه ملحا من الحكمة وأكثر ما كان يقوله دوبيت وله تصانيف في الحكمة وفي الطب وخدم الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبقي معه سنين كثيرة في الشرق إلى أن توفي في الخدمة وكان الملك الأشرف يحترمه غاية الاحترام ويكرمه كل الإكرام ويعتمد عليه في صناعة الطب وله منه الجامكية الوافرة والصلات المتواترة وتوفي صدقة بمدينة حران في سنة نيف وعشرين وستمائة وخلف مالا جزيلا ولم يكن له ولد ومن كلامه مما نقلته من خطه قال الصوم منع البدن من الغذاء وكف الحواس عن الخطاء والجوارح عن الآثام وهو كف الجميع عما يلهي عن ذكر الله وقال اعلم أن جميع الطاعات ترى إلا الصوم لا يراه إلا الله فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد وللصوم ثلاث درجات صوم العموم وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة وصوم الخصوص وهو كف السمع والبصر واللسان وسائر الجوارح عن الآثام وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنياوية وكفه عما سوى الله تعالى وقال ما كان من الرطوبات الخارجة من الباطن ليس مستحيلا وليس له مقر فهو طاهر كالدمع والعرق واللعاب والمخاط وأما ما له مقر وهو مستحيل فهو نجس كالبول والروث وقال اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه وحمل الوزر لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه أما في خلقته فإن يكون تام الصورة حسن الهيئة متناسب الأعضاء صحيح الحواس وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة سامي الرأي ذكي الذهن جيد الحدس صادق الفراسة رحب الصدر كامل المروءة عارفا بموارد الأمور ومصادرها فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل ويرفعه عن الدناءة ويغوص له على الفرصة ومنزلته منزلة الآلة التي يتوصل بها إلى نيل البغية ومنزلة السور الذي يحرز المدينة من دخول الآفة ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمة صاحبه وليس كل أحد يصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفا بالإخلاص لمن خدمه والمحبة لمن استخصه والإيثار لمن قربه وقال صبر العفيف ظريف ومن شعره قال ( سلوه لما صدني تيها ولم هجرا * وأورث الجفن بعد الرقدة السهرا ) ( وقد جفاني بلا ذنب ولا سبب * وقد وفيت بميثاقي فلم غدرا ) ( يا للرجال قفوا واستشرحوا خبري * مني فغيري لم يصدقكم خبرا ) ( إن لنت ذلا قسا عزا علي وإن * دانيته بان أو آنسته نفرا )
718
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة جلد : 1 صفحه : 718