responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 698


ويعني به النسخة التي عنده وذلك لكثرة مطالعته إياها وأنسه بها ومما شاهدته في ذلك من أمره أنني كنت أقرأ عليه في أوائل اشتغالي بصناعة الطب ونحن في المعسكر المعظمي وكان أبي أيضا في ذلك الوقت في خدمة الملك المعظم رحمه الله شيئا من كلام أبقراط حفظا واستشراحا فكنت أرى من حسن تأتيه في الشرح وشدة استقصائه للمعاني بأحسن عبارة وأوجزها وأتمها معنى ما لا يجسر أحد على مثل ذلك ولا يقدر عليه ثم يذكر خلاصة ما ذكره وحاصل ما قاله حتى لا يبقى في كلام بقراط موضع إلا وقد شرحه شرحا لا مزيد عليه في الجودة ثم إنه يورد نص ما قاله جالينوس في شرحه لذلك الفصل على التوالي إلى آخر قوله ولقد كنت أراجع شرح جالينوس في ذلك فأجده قد حكى جملة ما قاله جالينوس بأسره في ذلك المعنى وربما ألفاظ كثيرة من ألفاظ جالينوس يوردها بأعيانها من غير أن يزيد فيها ولا ينقص وهذا شيء تفرد به في زمانه وكان في أوقات كثيرة لما أقام بدمشق يجتمع هو والشيخ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي في الموضع الذي يجلس فيه الأطباء عند دار السلطان ويتباحثان في أشياء من الطب فكان الشيخ مهذب الدين أفصح عبارة وأقوى براعة وأحسن بحثا وكان الحكيم يعقوب أكثر سكينة وأبين قولا وأوسع نقلا لأنه كان بمنزلة الترجمان المستحضر لما ذكره جالينوس في سائر كتبه من صناعة الطب فأما معالجات الحكيم يعقوب فإنها كانت في الغاية من الجودة والنجح وذلك أنه كان يتحقق معرفة المرض أولا تحقيقا لا مزيد عليه ثم يشرع في مداواته بالقوانين التي ذكرها جالينوس مع تصرفه هو فيما يستعمله في الوقت الحاضر وكان شديد البحث واستقراء الأعراض بحيث أنه كان إذا افتقد مريضا لا يزال يستقصي منه عرضا عرضا وما يشكوه مما يجده من مرضه حالا حالا إلى أن لا يترك عرضا يستدل به على تحقيق المرض إلا ويعتبره فكانت أبدا معالجاته لا مزيد عليها في الجودة وكان الملك المعظم يشكر منه هذه الحالة ويصفه ويقول لو لم يكن في الحكيم يعقوب إلا شدة استقصائه في تحقيق الأمراض حتى يعالجها على الصواب ولا يشتبه عليه شيء من أمرها وكان الحكيم يعقوب أيضا متقنا للسان الرومي خبيرا بلغته ونقل معناه إلى العربي وكان عنده بعض كتب جالينوس مكتوبة بالرومي مثل حيلة البرء والعلل والأعراض وغير ذلك وكان أيضا ملازما لقراءتها والاشتغال بها وكان مولده بالقدس وأقام بها سنين كثيرة ولازم بها رجلا فاضلا فيلسوفا راهبا في دير السيق كان خبيرا بالعلم الطبيعي متقنا للهندسة وعلم الحساب قويا في علم أحكام النجوم والاطلاع عليها وكانت له أحكام صحيحة وإنذارات عجيبة وأخبرني الحكيم يعقوب عنه معرفته للحكمة وحسن فطرته وفطنته شيئا كثيرا واجتمع أيضا الحكيم يعقوب في القدس بالشيخ أبي منصور النصراني الطبيب واشتغل عليه وباشر معه أعمال صناعة الطب وانتفع به وكان الحكيم يعقوب من أتم الناس عقلا وأسدهم رأيا وأكثرهم سكينة ولما خدم الملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب وصار معه في الصحبة كان حسن الاعتقاد فيه حتى أنه كان يعتمد عليه في كثير من الآراء الطبية وغيرها فينتفع بها ويحمد عواقبها وقصد الملك المعظم أن يوليه بعض

698

نام کتاب : عيون الأنباء في طبقات الأطباء نویسنده : ابن أبي أصيبعة    جلد : 1  صفحه : 698
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست